العُرف العشائري بين الأمس واليوم
د. عبدالله فلاح الهزاع الدعجة
27-05-2018 05:37 PM
شهد المجتمع الأردني منذ مطلع الألفية الثالثة حالة من التحولات الاجتماعية العميقة والواسعة والتي لم يشهدها من قبل مثل الزيادة الملحوظة في عدد السكان بحيث أصبح المجتمع الأردني مجتمعاً شاباً بمجموعة من القيم المتمدنة وانحسار عدد الرجال الذين يفهمون العرف والعادة العشائرية وحقوق العرب بكل حرفية وعلى اتساع جغرافيتها.
ان الأسس المعتمدة في القضاء العشائري حسب العرف والعادة العشائرية المتعارف عليها والراسخة والمستقرة بالنفس تقوم بتوجيه وتنظيم سلوك الفرد اجتماعياً واخلاقياً ويكون العقاب عندئذ كالاستنكار والاستهجان والازدراء وغيرها من العقوبات المعنوية بالإضافة الى العقوبات القانونية كالغرامة أو التعويض أو ماشابه ذلك.
وهنا تبرز أهمية العرف والعادة العشائرية كعامل أساسي من عوامل الضبط الاجتماعي فتبقى الجريمة في حدودها الدنيا وتسود معايير الخلق الرفيع حفاظاً على القيمة الأسمى والتي لا يعادلها شيء في الحياة وهي قيمة الشرف ، وبالتالي تسهم في إرساء قواعد الأمن والاستقرار واشاعة الطمأنينة بين أفراد المجتمع ليكون مجتمعاً قوياً متماسكاً قادراً على أن يأخذ دوره الريادي الفاعل بين المجتمعات الأخرى.
إن العرف العشائري رديفاً للشريعة والقانون لأنه يحافظ على القيم الاجتماعية الكريمة والتي تسهم في تقوية روابط أفراد المجتمعوتساعد على السرعة في انهاء أثار المشكلات الناشئة بين الناس وتطييب خواطر المعتدى عليهم والحفاظ على كرامتهم وحقوقهم.
إن دور المؤسسة التربوية دور حيوي وهام يقع على عاتقها القيام بالتنشئة الاجتماعية والتربية النفسية السليمة والمبنية على أعرافنا وقينما المستندة على ديننا الحنيف وكذلك على الأخلاق الفاضلة وتجنب ما يخدش الحياء وما يخل بالفضائل ، وبالتالي نكون قد قمنا بأفضل الأعمال وهو بناء الانسان الذي يعتبر محور العمران في هذه الحياة ودوره فيها الذي يعتمد على تربيته وأخلاقه وصفاته .
والجدير بالذكر أنه لابد من اعادة النظر وتفعيل الوظيفة النقدية في بعض الأعراف والعادات العشائرية التي ترهق أطراف النزاع وتشكل عائقاً أمام اجراءات التقاضي واتمام الصلح ، وعند تفعيل هذه الوظيفة النقدية نكون أمام حالة تطويرية لها ثلاثةأبعاد الأول: خدمة هيبة الدولة وعدالتها ،والثاني: الحفاظ على الثقافة الأصيلة والتراث العظيم كمنهج حياة ، والثالث: مواكبة مستجدات العصر مثل تطور البنية التحتية وانتشار التعليم .