يعود الملك الى عمان ، بعد زيارة طويلة الى واشنطن ، والملك يتم استقباله في المطار ، استقبالا رسميا ، فيقف الامراء ورجال الدولة في المطار ، في مشهد رائع ، يثير الحنين في قلوبنا ، الى زمن الاستقبالات الرسمية ، تلك الاستقبالات ، التي تجعل الشعب ، جالسا الى تلفازه ، منتظرا عودة الملك ، ورؤيته بعد غياب ، ورؤية التفاصيل الاولى ، لعودته الى الوطن ، وهو مشهد في قمة الطبيعية ، حين نتعلق بالملك ووجهه وحضوره ، وطلته الآسرة ، علينا.
لا يحتاج الملك ، الى مديح ، وكل ماحققه في الولايات المتحدة دليل على ان هاشمية الملك وسره هاشميته ، تمنحه نورا ، يفتح كل باب ، ويجعل كلمة الملك ، كلمة العرب ، وليس كلمة الاردن وحده ، والملك في زيارته الى الولايات المتحدة ، حقق انجازات كثيرة ، اقلها تأكيد الولايات المتحدة على حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته ، وعلى ضرورة اقامة دولتين ، وعدم بلع حقوق الفلسطينيين ، وتنفيذ اي حل على حساب فلسطين ، او الاردن ، وفي انتزاع الملك لهذه التعهدات الامريكية انجاز في وجه اسرائيل ، وفي وجه التطرف ، وفي وجه حتى زيارة نتنياهو الى الولايات المتحدة التي استبقها الملك بتثبيت حقوق للعرب وللاردن وفلسطين.
اثارني بشدة مشهد استقبال الملك ، ولست ادري ، هل هو الاحساس بعودة الاب والاخ ، لكل واحد فينا ، برغم اننا كنا دوما نعرف عن عودته خبريا ، الا ان الملك كان سابقا ، لا يحب اشغال الدولة عن مهماتها ، فلا يفضل ان يخرج كثيرون لاستقبال رسمي ، وكنا نقول ان بث عودته تلفزيونيا ، وخروج اركان الدولة لاستقباله ، امر طبيعي ، ومنتظر ، ويثير في الناس المشاعر ، والتوق الى الخبر.
والملك ايضا عبر زيارته الى الولايات المتحدة ، كأول زعيم عربي يلتقي اوباما ، ثبت مصالح الاردن ، التي هي مصالحنا جميعا ، بالدعم السياسي والاقتصادي ، ولعل الكيمياء ، التي تحققت بين الملك واوباما ، كيمياء تقرر الكثير من سياسات الفترة المقبلة ، خصوصا ، ان التفاهم لا يكون نصيا وذهنيا وحسب ، ما لم يكن مستندا الى اسس في العلاقة تجعل الثقة والتفاهم اساسا صلبا.
كنا حين يعود الملك الحسين الراحل ، نعرف عودته قبيل نشرة الاخبار ، حين يتم بث اغنية وطنية ، تخبرك ان قائد البلد عاد ، وكانت ابصارنا تنشد جميعا الى شاشة التلفزة ، لنشاهده حين عودته ، ونشاهد افراد العائلة المالكة وكل كبار الدولة واركانها يقفون في صف واحد عند طائرة الملك ، والصورة هنا ، ليست توظيفاً معنوياً او سياسياً ، انها هنا صورة تثير التعلق بين ملك وشعبه ، ونحن بطبيعتنا نقرأ الوجوه والتفاصيل ، وما خلفها ، من دلالات.
نقول للملك حمدا لله على سلامتك ، وشكرا لانك حققت نتائج غير مسبوقة في هذه الزيارة ، وكنت صوت العرب ، امام الادارة الامريكية ، وهذا التفويض وهذه الثقة العربية بملك يحكم منذ عشر سنوات ، دليل على ان الحكم لا يعد بالسنين ، وانما بما يتم انجازه في هذه السنين ، ولعل اهم ما انجزه الملك خلال هذه الحقبة ، هو حفاظه على الاردن ، وسط سيل المؤامرات ، التي تحاك ، ووسط التحديات التي لها بداية وليست لها نهاية.
طائرة الملك ليست مجرد طائرة ، انها محط قلوبنا ، في كل لحظة يغيب فيها الملك خارج عمان.
m.tair@addustour.com.jo