مسيرة الاستقلال منظومة متكاملة من الانجاز
أ.د. عدنان المساعدة
27-05-2018 12:52 PM
يشكل الاستقلال الثاني والسبعون لمملكتنا الراسخة انطلاقة جديدة ومتجددة لمتابعة مسيرة البناء والعطاء بتفان واخلاص ونكران للذات، والقيام بالمهام العظيمة والواجبات الكبيرة تجاه مستقبل الوطن، يقوده جلالة مليكنا المعزز عبد الله الثاني بن الحسين أعز ملكه...مليك عربي هاشمي نذر نفسه جنديا شجاعا وقائدا ملهما يدافع عن حمى الوطن الطهور ولنتذكر رؤية مليكنا المفدى وتفاؤله المستمر رغم التحديات والصعاب بقوله: "سنكون بعون الله أقوى من التحديات وسوف نحقق المستقبل المشرق الذي يستحقه كل أردني وأردنية وسنبقى نسير بخطى ثابته وبرؤية واضحة في بناء المستقبل المنشود الذي يضمن الحياة الأفضل لجميع الأردنيين، وبالعلم والمعرفة والارادة القوية وبروح الأسرة الواحدة المتماسكة". كما لم يغب عن فكر جلالته لحظة الدفاع عن قضايا امتنا العربية والاسلامية في كل مناسبة بلسان عربي مبين وبقوة الحجة والمنطق ولغة الحوار التي نالت احترام المجتمع الدولي فكان صوت الامة المجلجل وقلبها النابض.
ومن معاني الاستقلال أن يلتف ابناء الوطن البررة بفسيفسائه الجميلة، وأن يلتف شعب واع أحب وطنه حول قيادته الهاشمية الحكيمة التفاف السوار بالمعصم التي تقود سفينتنا الى بر الأمان تجابه التحديات والصعاب وتحولها الى قصة نجاح وانجاز نرسخ بذلك مفهوم الاستقلال كحالة يومية نعيشها ونسقيها ماء زلالا عذبا نقيا. نعم، عندما يساند هذه القيادة الشجاعة رجال امناء وقادة فكر واصحاب رؤية سجلهم نظيف وتاريخهم مشرق ومشرف يعشقون تراب هذا الوطن عملا وقولا، يحافظون على مقدراته، ويحملون القيم النبيلة التي يغرسها الاستقلال في القلوب والعقول معا يحق لنا ان نكتب على صفحات الاستقلال عاما بعد عام مدادا باق أثره لا ينضب من العمل في الوقت الذي يحدونا فيه الامل والطموح لتحقيق ما هو افضل لوطن حر أردني هاشمي عربي سيجناه بالوفاء والاخلاص.
وحق علينا في المناسبة الثانية والسبعين من استقلالنا الوطني ان نستذكر البناة الاوائل والرجال الرجال الأشداء من أبناء الوطن الذين نذروا انفسهم وعاشوا لأجله في أوقات الشدة والملمات ومنهم من قضى ومضى الى رحاب الله الأوسع من رحابنا مؤمنين أن سيادة الوطن بحاجة الى التضحية والفداء، ومنهم ما زال على العهد والوعد حماة لتلك الرسالة المقدسة التي يحملون ليبقى اردننا الوطن الاغلى والاقوى عالي الشأن وسيد الأوطان فكانوا بحق عماد كرامة الوطن والاوتاد القوية التي ترسّخت جذورها في هذا عمق هذا التراب وحماية استقلاله.
ان منظومة الاستقلال كل متكامل يساندها في ذلك جنودنا البواسل وأجهزتنا الأمنية اليقظة المرابطون الواقفون كالطود الشامخ بفروسية الرجال الذين لا يهابون الردى في حماية الوطن بارادة قوية وايمان راسخ هم بحق حماة الاستقلال، والمعلم المخلص في عمله في تربية النشء تعليما وتربية سليمة واعية هو حام للاستقلال، والاستاذ الجامعي المتميز بعلمه وعطائه الذي يحمل رسالة سامية ويقوم بواجبه بأمانة وصدق ويحرص على مصلحة ابنائه وتحصينهم من الانزلاقات الفكرية الهدامة وتوجيههم لطلب العلم وغرس قيم الانتماء الصادق لبلدهم ويكون لطلبته القدوة الحسنة حكمة وسلوكا وتصرفات هو حام للاستقلال، والقاضي النزية الذي يحكم بين الناس بالعدل ويطبق القانون الذي يحفظ هيبة الدولة وكرامة الانسان هو حام للاستقلال، والكاتب الذي يحترم الكلمة ويكتب لوطنه بصدق وموضوعية ويلتزم ادب الحوار هو حام للاستقلال، والداعية الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة بفكر مستنير والذي يجادل الناس بالتي هي احسن والذي يحارب التطرف والافكار والظلامية والتكفيرية هو حام للاستقلال، والطبيب في عيادته الذي يخفف الآم المرضى بضمير مسؤول وقلب رحيم يؤدي رسالة انسانية هو حام للاستقلال والمهندس الذي يشيد البنيان بامانة وإتقان ومهنية عالية هو حام للاستقلال، والمزارع الذي يحرث الأرض ويروي ترابه بعرق جبينه لتنبت الخير والعطاء هو حام للاستقلال، والصانع الذي يكد ويبذل قصارى جهده لينعكس ذلك على تنمية الموارد لبلده هو حام للاستقلال، وعامل الوطن الذي يحافظ على نظافة شوارعنا وبيئتنا هو حام للاستقلال والموظف مهما كان موقعه الذي يحافظ على مقدرات الوطن وانجازاته هو حام للاستقلال، والانسان الذي يحرص على احترام القوانين والانظمة وهيبة المؤسسة والدولة ويحرص على وحدة وطنه هو حام للاستقلال والانسان الذي يجمع ولا يفرق ويوحّد ولا يشتت ويبث الطمـأنينة بخلق رفيع وسلوك سوي هو حام للاستقلال.
نعم، ان كل هؤلاء هم حماة الاستقلال الشامل ارضا وعلما وثقافة وصحة وبناء واقتصادا وتنمية وانجازا، يسعون ليبقى أردننا قويا متماسكا كالبنيان المرصوص يعيش في عقول المخلصين وقلوب الأنقياء قولا وعملا، فهو عنوان كرامتهم واستقلالهم، ولنبقى قابضين على جمر حب الوطن ندافع عن حماه بالسر والعلن، وفي كل زمان ومكان نحافظ على الاستقلال وتحميه السواعد، وتضمه القلوب، وتحمله العقول للنهوض برسالته الحرة الأبية، ليستمر نبع العطاء وليتحقق الانجاز الذي يتلوه انجاز، والنجاح الذي يتبعه نجاح، لتبقى رسالة الوطن هي العليا دائما، لأنها رسالة الحق والعدل والوسطية تحترم كيان الوطن والأمة، وترفض المتلونين في مواقفهم والجاحدين.
ولترسيخ مفهوم الاستقلال ينبغي الاهتمام بالشباب وتحصينهم امام التيارات التي تقذف بهم يمينا ويسارا وتوجيه بوصلتهم تجاه قضايا الوطن اعدادا وتأهيلا وانتماء وولاء ليكونوا قادرين على صياغة مرحلة جديدة تنهض بمقدرات الوطن ومكتسباته من خلال إمتلاكهم لتصورات ورؤى تتعلق بطموحاتهم ومستقبلهم الذي هو طموح الأردن ومستقبله، مترفعين عن الترسبات الذهنية الخاطئة ومتسامين فوق التجارب التي شابتها الأخطاء ليأخذوا دورهم وليقولوا كلمتهم بوضوح أننا للوطن ومع الوطن ومع جلالة سيدنا المليك الشاب صاحب الهمة العالية والعزيمة التي لا تلين لها قناة والحكمة السديدة الرأي في كل موقف من أجل تصويب الأخطاء ووضع الأمور في نصابها التي لا تجامل أحدا في أولويات وقضايا الوطن.
وفي هذه الذكرى الوطنية الأغلى التي تعيش في ضمائرنا وقلوبنا، سيبقى أردننا الغالي بعون الله وطنا حرا كريما أبيا يسير نحو العلى بعزيمة قوية، وروح وثابة لا تعرف اليأس والقنوط ولا يدخل الكلل أو الملل الى نفوس ابنائه. وسلام الى روح شهداء الاستقلال وسلام الى حماة الاستقلال والى المخلصين الأوفياء لهذه الأرض المباركة وترابها الطهور كل في موقعه ولنتابع معا يدا بيد مسيرة البناء والعطاء والعمل، ودمتم وحمى الله الاردن الوطن الأغلى انسانا ومقدرات، ودام جلالة الملك سيدا وقائدا وكل عام واردننا وقيادتنا الهاشمية بألف خير.