كيف تعالج الحكومة تشوهات الانفاق?
سلامه الدرعاوي
27-04-2009 05:37 AM
في الخطة المقترحة التي اعدتها الحكومة لمواجهة تداعيات الازمة هناك مجموعة من المقترحات تتعلق باصلاح هيكل النفقات الرسمية للدولة, للاسف هي نفس التوصيات التي تتقدم بها الحكومات في بلاغات الموازنة السنوية ولكن للاسف لا يجد من يلتزم بها.
تتطلع الحكومة الى الاستفادة من تراجع معدلات التضخم وهبوط الاسعار في عملية اعادة تقدير كلف مشاريعها الرأسمالية التي تتجاوز الـ 1.2 مليار دينار في سنة ,2009 ومن المعروف ان نسبة الانجاز قد تصل في افضل حالاتها 85 بالمئة من تلك المشاريع, وبالتالي سيتوفر لدى الخزينة ما يقارب الـ 200 مليون دينار من تلك المخصصات, واذا ما نظرنا الى تراجع اسعار المواد الاساسية والطاقة بنسبة 35 بالمئة فان كلف المشاريع المقدرة في الموازنة ستنخفض بمقدار 250 مليونا على اقل تقدير, وبالتالي سيتوفر للخزينة ما يقارب الـ 450 مليون دينار من بند النفقات الرأسمالية.
هذا الوفر المالي يعادل 55 بالمئة من عجز الموازنة المقدر بحوالي 689 مليون دينار السنة الحالية, كما انه يغطي ويزيد ما اعلنته الحكومة من ان الايرادات العامة ستتراجع ما بين 300-400 مليون دينار بسبب التباطؤ الاقتصادي, في النهاية لا يوجد مبرر لزيادة العجز المالي وباستطاعة الحكومة ان تلتزم بالنسب المقدرة في الموازنة.
تتطلع الحكومة للحد من اجراء مناقلات بين بنود الموازنة العامة خاصة الرأسمالية منها, وهذه مسألة بديهية في الاصلاح المالي للموازنة لا تحتاج الى توصية وانما تحتاج من يلتزم بها كحكومة والامتناع عن اصدار ملاحق الموازنة التي تعتبر في كثير منها تشوها ماليا حقيقيا.
تدعو الخطة الى عدم الاعتماد على النفقات المصروفة من الوزارات والدوائر الحكومية على مشاريعها كمؤشر على كفاءة الانفاق على هذه المشاريع بهدف عدم حفز الوزارات على الانفاق غير المبرر, وإنما الاستناد الى مؤشرات اداء واضحة ودقيقة تعكس قدرة الوزارة على استغلال النفقات المرصودة لها لتحقيق اولوياتها وأهدافها بأكبر قدر من الكفاءة, وهذا كلام تنظيري جيد لكن بالاساس يحتاج الى جهة قياس للانجاز الحكومي مرتبط بالكفاءة لا ان يترك الامر لمسؤولي الوزارات والمؤسسات من دون تقييم حقيقي لاعمالهم وسياساتهم الاجرائية.
في الخطة هناك دعوة صريحة للتوقف وبشكل تام عن استحداث أية مؤسسات او هيئات حكومية جديدة, ومن المعروف ان تلك شعارات تخالفها ممارسات وقوانين على ارض الواقع التي تشير الى وجود اكثر من 56 مؤسسة مستقلة عن الموازنة العامة موازناتها تتجاوز المليارين وعجزها يفوق 250 مليون دينار, وللأسف ان الكثير من تلك المؤسسات تتشابه في طبيعة اعمالها خاصة فيما يتعلق بالشق الاقتصادي, ومع ذلك تستمر الحكومات في "تفريخ" المؤسسات الواحدة تلوى الاخرى.
التوصية الاخرى تتعلق بإعادة هيكلة الجهاز الحكومي بهدف تقليص حجم الحكومة وذلك من خلال الغاء ودمج الوزارات او المؤسسات ذات المهام المتشابهة, ولغاية الآن منذ اكثر من خمس سنوات ونحن نسمع نفس الكلام يقابله زيادة تضخم الجهاز الحكومي والاعالة الوطنية ودور اكبر في الانفاق الرسمي الذي بات يشكل 56 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي, وهو من اعلى النسب في العالم.
لمعالجة الازمة وتحفيز الاقتصاد علينا الابتعاد عن الشعارات الاقتصادية الاصلاحية,يكفينا من الكلام ما سمعناه وقرأناه من عشرات السنوات من دون تغيير, فقد باتت تلك التوصيات مادة للاستهلاك الاعلامي لا اكثر, اليوم نحن بحاجة الى إرادة سياسية لترجمة تلك التوصيات الى قرارات واستراتيجيات على ارض الواقع.0
salamah.darawi@gmail.com