تحذيرات وصراحة الملك في واشنطن
نشأت الحلبي
27-04-2009 01:03 AM
حذر جلالة الملك عبدالله الثاني من إندلاع مواجهة جديدة في المنطقة على غرار العدوان الإسرائيلي على غزة ومن قبله على جنوب لبنان إذا لم تتحرك أميركا وبسرعة للتدخل في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكان باديا من رد الملك على سؤال لشبكة "ان بي سي" الأميركية بعد لقائه الثلاثاء مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في أول لقاء لأوباما مع زعيم عربي وهو على وشك دخول يومه المائة في البيت الأبيض، بأن جلالته غير مرتاح حتى اللحظة لطبيعة التدخل الأميركي في العملية السلمية برمتها، وإذا حمل تحذير جلالته من شيئ، فإنه يحمل المعنى الأهم وهو أن المنطقة على وشك الإنفجار من جديد لا سيما في ظل حكومة إسرائيلية يشارك في قيادتها بعض من المتشددين الإسرائيليين الذي يريدون دفن العملية السلمية برمتها.
ومقابل هذا التحذير، فإن جلالة الملك أزاح اللثام عن مدى جدية الإدارة الأميركية في خطابها الموجه للمنطقة ولا سيما فيما يتعلق بمدى إيمانها الحقيقي بحل الدولتين كمبدئ للتفاوض حسب ما ردد دوما المبعوث الأميركي الى المنطقة جورج ميتشيل، وقد قال جلالته بشكل واضح غير قابل للبس بأنه "للمرة الأولى يستطيع الأميركيون القول أن حل الدولتين يشكل جزءا من المصالح الحيوية للولايات المتحدة"، وإذا ما أخذنا بعين الإعتبار بأن تصريح جلالته هذا قد جاء بعد أيام معدودات من لقائه مع أوباما، فإننا يمكن أن نؤكد بأن جلالته قد تأكد من أوباما نفسه بأن هذا التوجه جاد ولا رجعة فيه، لكن جلالة الملك يعود ليؤكد على الحاجة الى رئيس أميركي يتحلى بالتصميم ليجلس الفلسطينيون والإسرائيليون معا الى طاولة المفاوضات، وفي هذا لا شك رسالة الى أوباما والى الإدارة الأميركية بأن في إسرائيل فئة لا تريد السلام وبحاجة الى "تصميم" بمعنى الضغط حتى تأتي الى "طابق" السلام، وإذ يصرح جلالة الملك بهذا وهو ما زال في واشنطن، فإن هناك ثمة ما يؤكد على مدى الشعور الملكي بخطورة الأوضاع في المنطقة والتي حملها جلالته الى واشنطن ليدفعها الى التدخل السريع والضغط على إسرائيل حتى لا تتكرر الحرب البشعة والإجرامية التي شنتها حكومة أولمرت على غزة.
الملك أكد أيضا بأنه ينتظر بأن تخرج إشارة من واشنطن بعد الزيارة التي من المفترض أن يقوم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الى واشنطن للقاء أوباما، ويؤكد جلالته بأن عدم صدور إشارة عن كيفية التدخل في المفاوضات، فإن "النيات الطيبة حيال أميركا ستزول"، وفي هذا التصريح "الصريح" رسالة الى أوباما نفسه بأن العرب عموما، والفلسطينيين خصوصا، علقوا آمالا كبيرة على فوز أوباما بما يحمله من برنامج سياسي إتجاه المنطقة والعملية السلمية للتدخل المباشر لوضع حد للجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطيين ولوضعها المنطقة بشكل مستمر على شفا الإنفجار نتيجة تلك الجرائم، وبالتالي الوصول الى حل يضمن الحقوق الفلسطينية ويخفف من إيقاع "الدم" الذي شكل طيلة فترة حكم الإدارة السابقة برئاسة الرئيس الأميركي "المنصرف" جورج بوش، الخط العريض في السياسة الإسرائيلية، فإذا لم يتحرك أوباما بشكل يعزز ذاك التفاؤل، فإن مشاعر الغضب والإحباط هي التي ستسود في المنطقة وفي نفوس الفلسطينيين إتجاه اوباما وإدارته.
على كل حال، ففي الوقت الذي رأي فيه مراقبون بأن زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الى واشنطن ستحدد ملامح السياسة الأميركية في المنطقة خلال الحقبة القادمة، فإن صراحة الملك نفسه لم تجعل هناك مجالا للتحليل بقدر ما وضعت إدارة أوباما أمام الحقائق ورسمت لها الطريق الذي يجب أن تسلكه، فجلالته نقل الحقائق كما تحدث وكما حدثت، وإضافة الى ذلك، فقد نقل جلالته أيضا ما يشعر به المواطن العربي عموما والمواطن الفلسطيني خصوصا لا سيما بعد أن ذاق الفلسطينيون مرارة العدوان اللئيم الذي شنته إسرائيل على غزة بدم بارد، وهو العدوان الذي هدد كل العملية السلمية بالإنهيار ولطخ صورة أميركا أكثر وأكثر، وكما قال جلالته، فإن الناس الآن ترقب في أي الإتجاهات ستتحرك هذه الإدارة حتى تبين مدى حسن نواياها إتجاه المنطقة، وحتى تحسن أيضا صورتها أمام العرب والمسلمين وبالفعل لا بالقول.
Nashat2000@hotmail.com