لم يكن استقلال المملكة الاردنية الهاشمية ليأتي بتلك السهولة ،فقد منحت فرنسا كل من سوريا ولبنان الاستقلال عام 1941 ،وهنا طالب الامير عبدالله بن الحسين بمنح الاردن الاستقلال خاصة ان الاردن كدولة قد قطع اشواطا متقدمة في بناء مؤسسات الدولة وتكامل وانتظام قوة الجيش العربي الاردني ،وانه يخوض الحرب العالمية الثانية بكفاءة مع الحلفاء استنادا الى المعاهدة الاردنية البريطانية التي وقعت عام 1928،

بدأت المفاوضات مع بريطانيا ،وارسلت الحكومة الاردنية اول مذكرة الى الحكومة البريطانية لطلب منح الاردن الاستقلال في عام 1942 ، ويأتي الرد البريطاني بان بريطانيا الان مشغولة في الحرب والوقت غير مناسب بعد ، وتكرر الحكومة الاردنية الطلب بمذكرة جديدة عام 1942 ويأتي الرد البريطاني مماثلا للرد السابق ، وتؤكد الحكومة الاردنية طلبها عام 1944 ومن ثم في عام 1945 ،ليأتي الرد في شهر تشرين الثاني من عام 1945 بأن بريطانيا ستعلن استقلال الاردن من على منبر هيئة الامم المتحدة قريبا .

وفي يوم16 كانون الثاني 1946 اعتلى المستر ارنست بيفن وزير الخارجية البريطاني منبر هيئة الامم وليعلن منح الاردن الاستقلال ،

وصلت الاخبار الى الاردن ،وابتهج الجميع وانهالت البرقيات من مؤسسات الدولة وشيوخ العشائر ومن خارج الاردن ،وبدأت اجراءات اعلان الاحتفال الرسمي بالاستقلال بعد الانتهاء من استحقاقات اعلانه من مثل اعداد وتعديل القانون الاساسي ،وتعديل المعاهدة الاردنية السابقة الموقعة عام 1928 ،واعداد برنامج الاحتفال واستغرق الامر حوالي اربعة شهور ،ومن ثم كان اختيار يوم 25 ايار 1946 يوما لاعلان الاستقلال ،وجاء هذا الاختيار تيمنا بيوم الاستقلال الاول للدولة الاردنية في 25 ايار 1923.

في يوم 25 ايار 1946 ازدان الاردن وابتهج الاردنيون وهم يحتفلون ، وبدأت مراسيم الاستقلال في رحلة مكوكية بين المجلس التشريعي على الدوار الاول في جبل عمان (بالطبع لم يكن غيره وقت ذلك ) وبين قصر رغدان ورئاسة الحكومة في شارع السلط وكان هذا في الصباح ،وما بعد الظهر كان الاستعراض العسكري الكبير بهذه المناسبة في ميدان ماركا بالقرب من القاعدة الجوية حينها.

اكتملت يوم السبت 25 ايار 1946 كل المراسيم ، والقى جلالة الملك المؤسس خطابين بهذه المناسبة ،الخطاب الاول في قصر رغدان وفيه اشار الى اننا نحتفل بالاستقلال ولا ننسى فلسطين الكليمة ،وخطاب في الجيش العربي خلال الاستعراض العسكري والذي قال فيه ان هذا الاستقلال هو من بريق لامع سيوفكم .

وقد ازدانت عمان باللافتات ونشر الناس البسط الملونة على بلكونات منازلهم وفوق الاسطح ،ولكن ما يلفت النظر تلك اللافتة في شارع الرضا او الملك الحسين التي تقول عاش الاستقلال التام .

وتأتي هذه العبارة لتلخص ان الاردن قد استقل عام 1923 بعد تعديله لصك الانتداب والغاء ومنع كل محاولات تحويل الاردن ليكون جزءا من مخطط بلفوري استعماري استيطاني غريب ، ومن ثم ليتوج هذا الاستقلال في 25 ايار 1946 ليكون تاما بالقرار المستقل والسيادة الوطنية ،

وفي يوم الاستقلال نقول هنيئا لنا كاردنيين هذا الاستقلال وهنيئا لنا بقيادتنا الهاشمية الحكيمة التي ترعى نهضة الاردن وتقدمه ،وكيف انها جعلت من الاستقلال خادما للعرب وللقضية الفلسطينية وجوهر هذه القضية القدس العربية .