البناء على القواعد الصلبة : استثمار زيارة الملك واغتنام إنجازاتها
عاصم العابد
26-04-2009 03:22 AM
يعود جلالة الملك ، من الولايات المتحدة الأمريكية ، وقد وضع أمام الرئيس الأمريكي الشاب الجديد ، باراك اوباما ، ودون تزيين أو تزويق ، صورة بانورامية شاملة ، وعلى طبق من ارض الواقع ، عن الحياة والمعاناة والظلم والبطش والتنكيل ، الجاري دون توقف أو هوادة ، ودون عقل أو حكمة ، في ارض الصراع الدامي الملتهب ، نحو قرن من الزمان .
فالرئيس الأمريكي الجديد ، بحاجة ماسة ، إلى نزاهة وخبرة وحكمة جلالة الملك ، من اجل النجاح على محور الشرق الأوسط ، الذي سيسهم النجاح عليه ، في تحقيق التغيير والآمال والأحلام التي يتطلع إليها ويعمل من اجلها ، بنفس ونمط جديدين ، وبطريقة قد تسهم في تحقيق تلك المصالح الأمريكية العليا ، تحقيقا اكبر وأوفى ، مع تحسين كبير في صورة الولايات المتحدة الأمريكية ، التي رشّت عليها الإدارات الأمريكية المختلفة ، السواد الداكن ، ووفرت لها الكثير من البشاعة والأضداد.!!! جلالة ملكنا ، وضع في يدي الرئيس اوباما ، المفاتيح الأصلية والفعلية ، القابلة للدوران ، في مغاليق ومزاليج المنطقة ، لتحقيق اختراقات عادلة ونزيهة ، من اجل حلول مشاكلها المزمنة .كما وضع جلالة الملك ، في يدي الرئيس الشاب ، خريطة طريق المنطقة برمتها ، التي مفتاحها حل الصراع العربي الإسرائيلي ، الذي فرّخ العنف والتقتيل العشوائي والكراهية السوداء المتزايدة ، ولم يحقق لإسرائيل أمنها ، ولا وفر ظروف الاستقرار أو مناخات التنمية والبناء.
نتطلع إلى ما بعد زيارة - الاختراق الناعم المباشر- هذه ، على المستويين الداخلي والعربي ، ونؤكد على المزيد المزيد ، من التكاتف والتراص ، خلف قيادة جلالة الملك ، من اجل توفير بيئات الإنتاج والعمل ، مما يتطلب من الفعاليات السياسية والاقتصادية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات والاتحادات وحتى من الصالونات السياسية الأردنية ، أن تقلب صفحة جديدة ، وان تتحرك بموازاة - ولا أقول بسرعة - جلالة الملك ، وان تكون عونا له ، لا عبئا عليه ، لمواجهة مخرجات الأزمة المالية العالمية ، ومواجهة التحديات الداخلية القديمة والجديدة ، السياسية والاقتصادية .
وعلى المستوى العربي ، فإننا نتطلع إلى ما نجم عن آراء ومقترحات وثمار زيارة جلالة الملك ، من حراك ضروري ، سيتضح في حزيران المقبل ، خلال لقاء اوباما مع الرئيس محمد حسني مبارك والرئيس محمود عباس ورئيس وزراء إسرائيل . ومن بديهي القول ونافلته ، أن الاستحقاق الكبير الأول ، الأساسي ، هو تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية ، وانجاز الحوار الذي تزاوله فتح وحماس وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية الأخرى ، والذي طال ونخشى مع امتداده ، أن تضيع المزيد من الفرص . وكذلك تنقية الأجواء الرسمية العربية مما لحق بها من شوائب ، ومما ألحقه بها الطامعون والمتربصون من اضطراب وتفرقة وتفتيت !! لقد آن أوان التوافق ، على مشروع وطني فلسطيني ، يمكّن المفاوض الفلسطيني، من أن يكون شريكا قويا في صناعة السلام ، التي دعا إليها جلالة الملك ، ويمكّن أيضا من نزع فتيل الحجج والذرائع ، التي يسوقها اليمين والوسط واليسار الإسرائيلي ، عن أن الفلسطينيين ، قد أقاموا دولتين وليس دولة واحدة !! وللخروج من دائرة التفاوض العبثي المدمر ، إلى رحاب الجداول الزمنية التطبيقية ، لما تم الاتفاق عليه سابقا ، واستكمال ما لم يتم بحثه وانجازه ، تحقيقا لمقولة الرئيس اوباما : إنّ مرحلة الإصغاء لن تكون إلى الأبد .
لقد دفع جلالة الملك ، في هذه الزيارة ، غير المسبوقة عربيا ، وبتفويض كامل من الأمة ، ملف الصراع العربي الإسرائيلي ، مجددا ، إلى رأس سلم الاهتمام الأمريكي ، فالعالمي ، وهي خطوة واسعة ضرورية ، إلى الأمام ، ومهمة كبرى ، أنجزت ، على أكمل وجه ، على طريق حل مشاكل المنطقة ، وإحقاق حق الشعب الفلسطيني ، في دولة مستقلة آمنة ، عاصمتها القدس الشريف.
إنّ التقدير الواسع ، الذي حظيت به الزيارة عربيا ودوليا ، علاوة على الزهو البالغ ، عربيا وإسلاميا وأردنيا ، يؤكد على أن العالم يترقب ، أن تتوفر الحلول والمخارج ، لازمة الشرق الأوسط ، المزمنة الدامية ، التي ألقت وتلقي بأثقال جسام ، على السلام العالمي ، وعلى الولايات المتحدة ، وعلى التنمية ورخاء شعوب المنطقة. وان العالم يراهن كثيرا ، على قيادات الشرق الأوسط ، والقيادات العربية الإسلامية ، الواعية ، المجربة ، المحنكة ،النزيهة ، لتجترح ما اجترحه جلالة سيدنا ، في زيارته المفصلية التاريخية ، إلى مركز الثقل والقرار الدوليين ، الولايات المتحدة الأمريكية .
عاصم العابد