ان المخلوفات التي تعيش في المحميات الطبيعية تتمتع بحقوق أفضل من حقوق فئة كبيرة من أبناء الشعب , وقد قرأت في أخبار هذا الاسبوع أن الجهات الرسمية تعتزم أنشاء خمس محميات طبيعية جديدة في المملكة في مناطق من جنوب المملكة الى شمالها .
لقد تمنيت لو أن أحدى هذه المحميات تمتد لتشمل بيت العائلة وبيوت بعض الاصدقاء لنشعر أننا في حماية منظمات حماية الطبيعة بمكوناتها البيئية والنباتية والحيوانية , يمكنهم أعتبارنا مخلوقات برية تعيش ضمن المحمية , وصدقوني أن أعتبار المواطن ( حيوانا ) في محمية سيجعله يتمتع بحقوق وأمتيازات أفضل بكثير من الحياة في عمان الغربية أو في القرى المنسية .
في المحمية الطبيعية تكون الارض ملكية عامة ولا يستطيع أحد الاستفراد بمساحات واسعة دون غيره كما فعل بعض كبار رجال الحكومات في أراضي الاغوار
, وفي المحمية الطبيعية تتكفل الحكومة وجمعيات حماية الطبيعة بتوفير الطعام والشراب اذا ما نقص أيراد الطبيعة , وفي المحمية الطبيعية لن تجد جابي شركة الكهرباء يقطع التيار عن منزلك لعدم تسديد الفواتير المبالغ فيها والمثقلة بالرسوم والضرائب , وهناك في المحمية لاتوجد دائرة ضريبة دخل ومبيعات ولا جمارك ولا فواتير تلفون ومياه ورسوم مدارس , في المحمية أيها الاخوة العلاج مجانا حتى وان كان الطبيب بيطريا , واذا مرض غزال أو حمار فالعناية البيطرية جيدة ولا تفرق بين الغزال والحمار , بمعنى أنه لاتوجد في المحمية تفرقة عنصرية أو أقليمية , ولا مباريات رياضية تفرق ولا تجمع .
الاهم من ذلك كله ولأننا نؤمن أن الحياة ليست جلسة الى طعام أو شراب , فان ما يسعدنا أن قانون الاجتماعات العامة غير نافذ في المحميات ولم يصدر بعد أي قانون ينظم الاجتماعات الطبيعية , وبالتالي فليس هناك من سيطلب موافقة المحافظ على أجتماع مخلوقات المحمية
لاتوجد في المحمية مخالفات مرور ولا شرطة سير ولا محكمة أمن دولة ولا مخابرات عامة أو خاصة ولا رخص مهن ولا ضريبة نفايات ورسوم دعم جامعات لامقاعد لأبنائنا فيها ولا رسم تلفزيون لايشاهده أحد .
في المحمية لست بحاجة لفطور عبدون المكون من ( الكورن فليكس ) والحليب , ولا فطور ماركا الجنوبية ( حمص وفول وفلافل ) فالطبيعة تزخر بكل المكونات الخالية من الملوثات والاسمدة الكيماوية .
لاتوجد في المحميات أمراض نفسية ولا حالات أكتئاب مزمن ولا محاولات أنتحار ولا أسعار مرهقة ولا صحافة تفتري وتبتز .
ان مقارنة نظرية مثل هذه تجعل كثيرا من الاردنيين ينظرون بحسد الى حياة الخلائق في المحميات الطبيعية , فكم أردني فقير لايمتلك مترا يوارى فيه الثرى بعد موته وكم أردني تملك مئات الدونمات لمجرد أنه كان يشغل منصبا رفيعا في سلطة وادي الاردن ووزارة المياه , ومع ذلك فان التوجه نحو حماية الحيوانات في المحميات الطبيعية وأنشاء محميات جديدة يجد من العناية الرسمية والدولية والمتطوعين ما يفوق العناية الموجهة نحو عدد كبير من البؤر الفقيرة النائية في أطراف المملكة .
وفي الوقت الذي يفقد فيه عدد كبير من الناس الامان الاجتماعي فان أحدا لم يتوقف ويقول أننا بحاجة الى لجنة تحقيق في ما أنفقه وزير التخطيط الاسبق د باسم عوض الله على برنامج الامان الاجتماعي ومن ضمنه مخصصات سخية للأمان الصحفي والنفاق الاعلامي لتمجيد شخصه الكريم وملايين أخرى لأنجاز مشاريع فردية فاشلة , وأعادة تقييم نتائج أكثر من أربعماية مليون دينار تم بعثرتها تحت ستار حزمة الامان الاجتماعي التي كان من نتائجها تدهور الامان الاجتماعي .
كفى بنا داء أن نرى العيش في المحميات الطبيعية أحد أمانينا , فالعيش هناك مع الحيوانات البرية أفضل ألف مرة من رؤية وجوه بعض الوزراء الذين هبطوا علينا بمظلات الاخرين .
ان القلق الذي يعشش في صدور الاردنيين متشعب وخطير فالقلق على توفير متطلبات العائلة اليومية يعصف بالنوم من جفوننا , والقلق على مستقبل الوطن يعصف بالامان والامل من قلوبنا , ونهب مكتسبات الدولة ( عينك عينك ) يوقد الغضب في صدورنا , وفوق هذا وذاك ما أصعب عصى الحكومات على الضعفاء والفقراء والمساكين , وما أسخاها على الوصوليين والمنافقين , فلو قيل أن لصا شرع في السطو على منزل لرأيت دوريات النجدة والبحث الجنائي تتقاطر من حدب وصوب للقبض عليه وأشباعه لكما وركلا وتفتيش منزله وسؤاله عن كل حاجيات بيته من أين لك هذه ومن أين سرقت تلك , أما أن يخرج وزير لم يكن يمتلك الا راتبه فاذا به يبني منزلا بمبلغ خمسة عشر مليون دينار - وهذه حقيقة معروفة – ورصيد بنكي بملايين أكثر فلا شرطة تجرؤ على سؤاله ولا حكومة .
وبعد أما من واسطة لتمتد المحمية الجديدة لتشمل بيتنا في مدينة السلط ؟!! .
السبيل.