facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




حدث قبل 65 عاما في سماء هيروشيما ..


د.احمد القطامين
25-04-2009 04:18 PM

في الذكرى الخامسة والستين لإلقاء اول قنبلة نووية على مدينة في التاريخ، اقدم لقراء عمون تفاصيل المشهد في ذلك اليوم العصيب في تاريخ البشرية بعد الاطلاع على الوثائق الخاصة بتلك الحادثة:

كان صباح السادس من آب (اغسطس) من عام 1945 صباحا صيفيا عاديا. باستثناء سحب من الغيوم البيضاء كانت تتحرك ببطء في السماء وتنعكس على صفحات مياه المحيط ذات اللون الازرق الجميل. استيقظ قائد القاذفة الاميركية ب 29 عند الخامسة صباحا.. ارتدى بزته العسكرية وهو في حالة رعب مما ستأتي بها ساعات ذلك اليوم الرهيب.. توجه الى غرفة القيادة على متن حاملة الطائرات الجاثمة على مسافة بعيدة نسبيا قبالة الشواطىء اليابانية، لتلقي الاوامر النهائية لما يجب عليه ان يفعله في ذلك اليوم. كانت الاوامر تنص على ان يقلع بقاذفته عند الساعة السابعة صباحا باتجاه البر الياباني، ليصل الى وجهته النهائية عند الساعة الثامنة، ويلقي بحمولته القاتلة فوق مدينة هيروشيما واذا تعذر ذلك بسبب احوال الطقس يتوجه الى مدينة كوكورا .. وفي حالة تعذر ذلك يتوجه لالقاء تلك الحمولة على مدينة ناغازاكي.

اخذت الطائرة تشق سماء مكتظة بالسحب فوق مياه المحيط، لكن السحب اخذت بالتلاشي التدريجي والطائرة تقترب من البر الياباني الصافي.. حيث كانت تخيم على المدن اليابانية اجواء تسحقها الشمس الساطعة.. كان الطيار في حالة شديدة من الرعب وهو يقترب بسرعة هائلة من المدينة الوادعة متذكرا حمولته الشيطانية التي سيبدأ عند لحظة القائها تاريخ جديد غامض للانسانية.

واصلت الطائرة اندفاعها السريع باتجاه سماء المدينة وهي محملة بأول قنبلة نووية جاهزة للاطلاق في التاريخ، وقد اسماها القادة العسكريون الاميركيون باسم يقطر براءة وهو «الولد الصغير» وبلغت كلفة انتاجها ملياري دولار وقوتها التدميرية تعادل عشرين الف طن من مادة «ت.ن.ت».

عند الساعة الثامنة اخذت الملامح العامة للمدينة الصغيرة الوادعة تتبدى لقائد الطائرة شيئا فشيئا، واخذت دقات قلبه تتسارع بينما العرق يتصبب من جبينه الشاحب.. كان جسده يرتجف بقوة بينما الانسان الطبيعي في داخله يعاني من موجات عارمة من التوتر غير المسبوق... لقد اقتربت لحظة الحقيقة بكل مرارتها ورعبها والطائرة تدلف الى الاحداثية المحددة لها فوق وسط المدينة على ارتفاع 9357 مترا... وحسب المخطط قامت الطائرة بالدوران لجهة اليمين بزاوية 155 درجة وهي تخفض من مستوى ارتفاعها بمقدار 518 مترا لتصبح تماما عند مستوى الارتفاع المحدد لاطلاق القنبلة الجهنمية وذلك عند الساعة الثامنة والربع بالتوقيت المحلي لمدينة هيروشيما.

حسب الاجراءات المعيارية التي تدرب عليها، قام الطيار بالضغط بابهام يده اليمنى على زر الاطلاق، لكن ابهامه لم يطاوعه.. فازداد توترا، وبحركة يائسة ضغط براحة يده اليسرى على ابهام يده اليمنى بحركة عصبية لا مشاعر فيها... فانطلقت القنبلة من على ارتفاع 576 مترا فوق المدينة المترامية باسترخاء على سهل اخضر مكلل بالاشجار الخضراء المعمرة بينما اطفال هيروشيما يستمتعون بالنوم في ذلك الصباح حيث عطلتهم الصيفية.

مرت دقيقة واحدة، بعدها بدأ الطيار بمشاهدة صورا جهنمية غريبة من مقصورة القيادة.. اخذ ينسحب بسرعة فائقة بطائرته بعيدا عن سماء المدينة المنكوبة عائدا الى قاعدته وسط المحيط تجنبا لاصابة الطائرة بموجة الانفجار النووي الاولى التي تنطلق بسرعة 335 كيلومترا في الدقيقة، ابتعد الطيار بقاذفته بعيداً.. بينما المدينة تترنح تحت وابل من النيران والاشعاعات النووية حيث ولد انفجار القنبلة موجة حرارية بلغت اربعة الاف درجة مئوية انتشرت عبر دائرة نصف قطرها 4.5 كيلومترا، وغطى الغبار النووي المدينة المحترقة الى درجة انعدام الرؤية تماما.. بينما اجساد سكان المدينة وبيوتهم وممتلكاتهم ومدينتهم الوادعة على اتساعها تنصهر تماما الى درجة العدم بفعل الحرارة الهائلة وتفاعلات الاشعة النووية المدمرة.

كانت النتيجة ان 140 الف شخص لقوا حتفهم في تلك اللحظات الفارقة من تاريخ البشرية، وما هي الا فترة زمنية وجيزة حتى ظهر الرئيس الاميركي هاري ترومان امام وسائل الاعلام ليعلن ان على اليابانيين ان يستسلموا والا فإنهم سيواجهون «امطارا من الدمار ستنزل على مدنهم الاخرى من السماء»، وبعد ثلاثة ايام كانت ناغازاكي على موعد مع قنبلة جهنمية اخرى، وبعد اسبوع اعلن اليابانيون استسلامهم غير المشروط لارادة .. بدت لهم ان لا راد لها.

qatamin8@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :