مشروع ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺏ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ
عمر الرداد
23-05-2018 03:59 AM
يجري الحديث اليوم بكثافة في أوساط مجلس النواب وكتله وفي أوساط الأحزاب والنخب السياسية حول قانون انتخاب جديد لمجلس النواب ،لم تتحدد ملامحه باستثناء ما أشار إليه جلالة الملك خلال لقائه مع طلبة الجامعة الأردنية في بداية العام الجاري ،حول ضرورة ان يكون عدد أعضاء المجلس (80) عضوا، في ظل وجود مجالس اللامركزية التي تم انتخابها في المحافظات ،وهو ما يعني انتهاء صيغة النائب "ألخدماتي" والبدء بمرحلة نيابية جديدة وهي النائب" السياسي".
قدمت العديد من الجهات الحزبية والسياسية مشاريع مقترحة للقانون الجديد وللنظام الانتخابي ، بما فيها كتلة الإصلاح التي تمثل الإخوان المسلمين في المجلس، وقد لوحظ على غالبية هذه المشاريع، تضمينها بمخرجات تخدم رؤية تلك الأحزاب والجهات ،بما يمهد الطريق لضمان الفوز بأكبر عدد من المقاعد، إضافة لقضايا مرتبطة بتخفيض سن المرشح الى (25) سنة لإتاحة فرصة أوسع لمشاركة القطاعات الشبابية ومشاركة المغتربين في الانتخابات، وقضايا مرتبطة بكيفية تشكيل القوائم والانتخاب وعملية احتساب حصص الكتل وتحويلها الى مقاعد، وغيرها من القضايا.
لا شك ان قانون انتخاب جديد أصبح ضرورة تمليها المستجدات ، وفي مقدمتها اللامركزية ، إضافة لمعالجة ثغرات ظهرت في القوائم الوطنية وقوائم المحافظات، لكن تساؤلات جمة تبرز عند الحديث عن القانون الجديد والنظام الانتخابي ، لابد من التوقف عندها .
لم تتطرق مشاريع القانون المقترحة لكيفية التعامل مع مقاعد الكوتات ، والبالغ عددها (27) مقعدا موزعة على النحو التالي : 15 مقعدا للمرأة + 9 مقاعد للمسيحيين+9 مقاعد للبدو +3 مقاعد للشركس والشيشان= 36 مقعدا ،وتشكل نصف عدد أعضاء المجلس تقريبا ، وهو ما يعني ان التنافس سيكون على (44) مقعدا حرا ،خارج الكوتات ، فهل يعقل ان يكون نصف المجلس للكوتات؟ وهل من المناسب فتح الابواب لحوار وطني شامل حول مستقبل هذه الكوتات ،خاصة وان الكوتات لم تعد محط اجماع من قبل الشرائح المعنية بها، في ظل حرمان رموز سياسية من البدو والمسيحيين والشركس بالترشح خارج ما يحدده القانون لهم، كما ان هناك تجربة ناجحة جرت في انتخابات اللامركزية ،دون هذه الكوتات،باستثناء المرأة،بالإضافة للحديث بوضح عن المسكوت عنه في قانون الانتخاب حول معايير تحديد عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية ،وموازنة الجغرافيا والسكان.
ان الأصل بالقوائم والكتل هي للأحزاب ،وليست لاي تجمعات أخرى ، الا انه ولأسباب مرتبطة بالأحزاب نفسها ،لم تبرز اية قوائم حزبية حقيقية في اخر انتخابات جرت ،رغم ان القانون وفر هذه الإمكانية لكافة الأحزاب ، وتبين ان حزب جبهة العمل الإسلامي هو الحزب الوحيد عمليا القادر على تشكيل قوائم ، رغم ان قوائمه خضعت لمعايير غير حزبية ، خاصة المعيار العشائري ،حيث كان قائما في مرشحي الحزب بالمحافظات،بما فيها المدن الكبرى، فيما اخفي مرشحون فائزون انتماءاتهم الحزبية وظهرت بعد فوزهم ،وكأنهم ينتمون لتنظيمات محظورة ،ومشاركة الأحزاب ضمن قوائم مدعاة لطرح الكثير من التساؤلات التي على الأحزاب نفسها الإجابة عليها ، بما فيها تشكيل كتل مختلطة من حزبيين وشخصيات وطنية كما في مشروع كتلة الإصلاح ،غير ان التساؤل الأهم هو هل يمكن التوصل الى تحالفات كبرى تؤسس لثلاثة تيارات ،كصورة مثالية للحياة الحزبية ،تمثل اليمن واليسار والوسط ،بدلا من هذا التشرذم والزحام ؟
ومن بين القضايا التي تحظى بأهمية في مشروع اي قانون انتخابي التركيز على النسبية باعتبارها احد ابرز معايير نجاح أي قانون انتخابي ، حيث تعطي كل ذي حق حقه ، والنسبية معمول فيها في ارقي الديمقراطيات العالمية،ومن المؤكد ان النسبية لن تحظى بقبول في بعض الأحزاب .
ربما عكست انتخابات بعض النقابات المهنية والهيئات التمثيلية حجم التغيير في المجتمع الأردني ، رغم ان الكتلة الناخبة في النقابات "نخبوية" ومحددات ومرجعيات الناخب فيها تختلف عن مرجعيات الانتخابات لمجلس النواب ،الا ان المؤكد ان كثيرا من القوى ستشهد مزيدا من التراجع في حضورها بالمجلس القادم وخاصة "الحركة الاسلامية"،ليس بفعل تغييرات في قانون الانتخاب ،بل على الأغلب تغييرات في اتجاهات الناخبين التي أصبحت أكثر اقترابا من البرامج العملية ،وأكثر ابتعادا عن البرامج التي تستند لمقولات ايدولوجية كبرى.
كاتب وباحث بالأمن الاستراتيجي.