هل سترحل القوات الأجنبية عن سوريا؟!
فيصل الملكاوي
22-05-2018 01:44 AM
دعت روسيا خلال الأيام الماضية القوات الأجنبية للرحيل عن الاراضي السورية وهذه الدعوة جاءت بعد مناسبتين، الاولى الجولة التاسعة لمسار استانا والتي ربما ستكون الاخيرة، لانها استنفدت نفسها ولرغبة روسيا في نقل هذا المسار الى سوتشي ليتواءم مع المسار السياسي الذي اطلقته موسكو في هذا المنتجع نهاية كانون ثان الماضي وكبديل عن مسار جنيف، والمناسبة الثانية هي زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى روسيا ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين والتأكيد من كلا الجانبين على الرغبة في اطلاق مسار سياسي لانهاء الازمة السورية المستمرة منذ ثماني سنوات.
لكن ما هي إمكانية تحقيق الدعوة الروسية لرحيل القوات الاجنبية من سوريا ؟! واي اطار او صيغة يمكن ان تحقق هذه الغاية ؟ وهل ينطبق هذا الامر على كل القوات الاجنبية بما فيها القوات الروسية ؟!.
وماذا بشان القوات الاميركية والفرنسية في شمال شرق سوريا ؟ والقوات التركية في شمال سوريا؟ والقوات الايرانية المنتشرة في معظم الجغرافيا السورية ؟ وماذا بشان قوات حزب االله الحليفة لايران والنظام ؟ وايضا عشرات الالاف من المليشيات الافغانية والباكستانية التي استجلبتها ايران من تلك البلدان تحت عناوين المعارك الطائفية؟، وكذلك هناك آلاف المرتزقة الروس الذين جلبتهم موسكو للقتال على الارض في سوريا تلافيا للخسائر التي يمكن أن تقع للقوات الروسية البرية النظامية فيما لو كانت هي التي انتشرت على الارض في ميادين القتال المختلفة.
في ظل هذه الفسفيساء المعقدة لانتشار كل هذه القوات من كل هذه البلدان على ارض سوريا ، منها بدعوة من الحكومة السورية مثل روسيا وايران وترى ان وجودها شرعي في هذا الاطار في حين ان المجتمع الدولي يرى ان الدعوة وان جاءت من الحكومة السورية الا ان هذه الحكومة فقدت شرعيتها منذ فترة طويلة كما ان القوات التي استدعيت من ايران على وجه الخصوص اضافة الى حلفائها من حزب االله والميليشيات المختلفة ارتكبت جرائم بحق الشعب السوري كثير منها يرقى الى جرائم حرب و جرائم ضد الانسانية وفيما يخص القوات الروسية فانها طالما تعرضت لانتقادات جراء حملات القصف الجوي العنيفة على المدن السورية التي مكنت النظام من اعادة التوازن والسيطرة على اكثر من نصف الاراضي السورية.
وفي الجانب الاخر من الصورة هناك القوات الاميركية (الفي جندي ) والقوات الفرنسية نحو (200 ( جندي ويتركز انتشارهم في جنوب شرق سوريا وبعض المناطق المتاخمة
للشمال السوري ، وان كان عديد هذه القوات محدود ا نسبيا مقارنة مع القوات الروسية والايرانية والميلشيات الحليفة وحتی القوات التركية، الا ان اهمية هذه القوات وشرعيتها التي ترتكز اليها واشنطن والدول الغربية ومعها الدول الحليفة لها في المنطقة ان هذه القوات جاءت تحت مظلة دولية هي التحالف الدولي لمحاربة داعش وان دحر هذا التنظيم الارهابي عسكريا ليس نهاية المطاف اذ ان بيئة الفوضى وعدم الاستقرار وعدم التوصل الى حل سياسي للازمة السورية هي عوامل اساسية لاعادة انبعاث هذا التنظيم واحياء قوة التنظيمات الارهابية الاخرى مثل القاعدة ناهيك عن ان جبهة النصرة وهي فرع القاعدة في سوريا تحكم الان السيطرة على ادلب في شمال سوريا في ظل وجود نحو مليوني ونصف مواطن سوري اكثر من نصفهم من المهجرين من بقية الاراضي السورية في ظل اتفاقيات مع قوات النظام برعاية روسية مباشرة.
إلا أن بيت القصيد هو في القوات الايرانية وحلفائها من حز ب االله والمليشيات المذهبية التي استجلبتها طهران من افغانستان وباكستان على وجه الخصوص وهي بالالاف، اذ ان ايران تريد سوريا قاعدة اساسية في اطار نفوذها وتمددها الاقليمي، وهي في هذه المرحلة التي اصبح النظام السوري في منأى عن الانهيار او التهديد الخارجي فان طهران انتلقت الى المرحلة الاهم من استراتيجيتها وهي بناء الخط البري من طهران الى بيروت واقامة قواعد بحرية وبرية على الاراضي السورية ومحاولة انشاء نسخة سورية من حزب االله لتكون وكيلا دائما لها في سوريا في حال اجبرت في المستقبل على الانسحاب من سوريا في اطار اي حل للازمة مع ان كلا الامرين الحل السياسي والانسحاب الايراني مستبعدان وهو ما يسارع في احتمالات تطور المواجهة العسكرية الايرانية الاسرائيلية في سوريا الى حرب واسعة متعددة الجبهات قد تجر اليها القوى الاقليمية والدولية ايضا وهو ما سيعقد الازمة السورية اكثر بل ويزيد من حدة الاستقطاب على الارض السورية ويرفع من احتمالات نشر قوات اضافية اجنبية في عموم سوريا ما يجعل الدعوة الروسية للانسحاب القوات الاجنبية غير واقعية بل وضربا من الامنيات التي لا يمكن ان تری النور.
الرأي