"الشيخ المناضل معيوف الحباشنة .. حينما تُرثي الكرك أوفياؤها "
عروبة الحباشنة
21-05-2018 12:24 AM
حين أُذيع خبر رحيل الشيخ معيوف الحباشنة عبر القناة الرسمية الأردنية صباحاً في شهر ايار من عام ١٩٩٧ ، كان الخبرُ مدوياً حيث تم إعلان عطلة رسمية لدائرة الأحوال المدنية والجوازات وفاءاً وحداداً لمن ترأس إدارتها على مدار سنين طويلة ، كانت حنجرتهُ تصدحُ بالحق ، وكان الختمُ بمكتبهِ لا يوضعُ إلا على الأوراق النظيفة ، رجلٌ صلب وحر من رجالات الكرك الكُبار .
حيث كتب " راهب القلعة " الشاعر الكبير أسامة المفتي رحمهُ الله قصيدة رثاء إلى رفيق دربهِ وصديقه الصدوق الشيخ معيوف الحباشنة قائلاً :
" دمعة وفاء "
ماذا علي اذا نسجت بياني
وغرقت في ألمي وأحزاني
ومشيت مع كرك الخلود
فيه الجلال على الوجوه معاني
ورأيتُ في كرك الفخار مشاعلا
تُزكى بحبك في وفاء وأمانِ
أجتاز أبعاد الزمان لألتقي
ذكراك نبعاً دافىء التحنانِ
وعلى وفاتك لوعتي مشدودة
بيد الإخاء وصادق الإيمانِ
وأنا هنا في موقفي في حيرةٍ
كبرى بيتمٍ هدَّ من بنياني
مذ عشت أيامي بقربك وادعاً
واليومُ بعدك عشت كالولهانِ
أبكي على درب الضياع بحرقةٍ
وأطوف في دمعي على الأكوانِ
وأقولُ يامعيوف مالي لا أرى
إلاكَ .. عقد الصدق في أزماني
إذ عشتَ ايام الحياةِ كزاهدٍ
عف الضمير وطاهر الأردانِ
ماكنت إلا منهجاً في فترةٍ
يعلو سماها الزورِ والبهتان
ووقفت بالحقِ الصريح مُدافعاً
عما يُحاكُ لنا من الأدغان
فيك إمتداد الصدق بحرٌ هادرٌ
بلسانِ حقٍ دون أي دِهانِ
يا عمق أيام الأخا تحدثي
عن عمق طيب الخلق في الانسانِ
واليوم يا معيوف بعدك هدني
رزءُ البلاءِ وهمتُ في القيعانِ
أُبكيك في صمتٍ ودون مدامعٍ
وعلى دروب الحزن والأشجانِ ستظل ذكراك الحبيبة حيةً
فينا وفي الأبناء والإخوانِ .
الكرك لا تؤبن إلا الرجال الرجال ، حظر تأبين المرحوم كبار رجالات الأردن الأحرار أنذاك حيث كتب المناضل الكبير " ملحم التل" رثاءاً عظيماً في جريدة الرأي :
" في محراب ذكراك تتصاعد ابتهالاتنا إلى بارىء السماوات والارض ان يزيدك قربا منه فهو قد وهبك الحياة وحدد الأجل ، فجائت المسافة بين لحظة الميلاد ولحظة الفراق لتخط في سفر حياتك عطراً وطنياً يفوح بالنبل والعطاء وبعد عام على رحيلك مازالت الجراح هي الجراح وكلما داوينا جراحا سال جرح ولكننا على العهد سنبقى وكذلك ستبقى الكرك الأبية وناسها الواعدون .
ملحم التل امين عام حزب الجبهة الدستورية وكوادرها كافة إذ تمرُ بهم ذكرى رفيق دربهم القائد المؤسس المرحوم معيوف الحباشنة يعاهدون روحهُ الطاهرة على الإلتزام بمقتضيات الوفاء للأردن شعبا وترابا وللعروبة مصيرا وكرامة معتزين بالكرك المحروسة ، وانهم باتوا اكثر تصميما واشد عزما على العهد والميثاق وانهم على درب الأحرار سائرون"
الرأي / العدد ١٠١١٩
لقد كان همهم الجماهير الكادحة المُلزمة بالتمسك بوجودها السياسي وهويتها وحقها الدستوري والإحتماء بالدستور ضد الهجمة الليبرالية المتوغلة ، رغم صعوبة تقبل وجود أي حزب في تلك المرحلة واعتبار ذلك خطوره قائمة على التحشيد السياسي ، لقد كان المناضلان وجهان لعملة وطنية ناصرية قومية واحده ؛ وتم اعتقال الشيخ معيوف اثناء ترأسه اجتماع في رئاسة بلدية الكرك في أحداث الخبز أواخر ال ١٩٩٦.
حيث كانت الرفيقة المناضلة
" توجان فيصل" قادمة لحضور حفل تأبينه والتي تم توقيف سيارتها على الطريق الصحراوي المؤدي إلى العصية الكرك لِمَنعِها من القدوم وإرجعاها من قبل الجهات الأمنية ، حيث كان الهم الوطني الواحد يقودهما نحو تأسيس أحزاب عقائدية ترفض تماما الإعتراف بالأحكام العُرفية والخصخصة والأمركة والإعتراف بفلسطينية الدولة رغم أنف "الكيان الصهيوني " وأتباعه .
رحمك الله يا شيخ المبادىء والشيم والقيم ، ستبقى خالداً في أفياء الإباء والعزة .. إلى جنات الخلد الجد معيوف الحباشنة .
حفيدتك : عروبة الحباشنة .