انشغلنا منذ سنوات بالترويج وتشجيع الأردنيين لـ "صنع في الأردن"، لكن يوم الجمعة الماضي ظهر أن الشعار يجب أن يُحمَل على ما هو أبعد من الصناعة وهمومها.
شخصيا، لم يخطر في ذهني، قبل يوم الجمعة، أن هناك معانٍ أخرى لشعار "صنع في الأردن"، سيظهر، لكن ليس في شقه الاقتصادي، بل السياسي. كما أنه سيظهر في اسطنبول وليس في عمان.
نعم في اسطنبول. هناك حيث رفع لواء "صنع في الاردن" لكن بشقها السياسي، عندما برز جلالة الملك عبدالله الثاني، وبصحبته الامراء الأربعة، لتقال هناك كلمة الاردن عن بيت المقدس.
الجميع التقط الرسالة. كانت رسالة واضحة لا لبس فيها.. في الأردن، وفي شرايين الاردنيين القدس ليست مدينة خارج الحدود. القدس أم المدائن الأردنية.
في اسطنبول كنا نواصل صناعة موقفنا الرسمي والشعبي، سوى أن غصّة كنّا لا نريد لها أن تظهر بغياب الأشقاء والأخوة عنا، بل وغياب من لم نكن نظن يوما أنهم يمكن أن يغيبوا في موقف مثل هذا.
كأردنيين،لم نكن فخورين يوما أكثر ونحن نسمع مليكنا يتحدث بما يتحدث به كل أردني وأردنية عن قدسهم. كيف لا وقال جلالته كل ما نود أن نُسمعه للعالم بأسره.
ما يدعو حينا للفخر، هذا الموقف الأردني المتقدم من ملف القدس والمسجد الأقصى. موقف يحق لنا كأردنيين أن نفاخر به، أولاً، لكننا كذلك نحزن، أنْ لو كان قومنا كلهم معنا، فتعاضدنا، وعززت مواقفنا بعضها.. لكنهم ليسوا كذلك.
في قمة اسطنبول بدا أننا بحاجة لسند عربي يكاد يكون مفقودا، وسط غبار المواقف العربية المتلاطمة. وهذا ما يدعو إلى الخوف على مستقبلنا وليس مستقبل القدس.
لبيت المقدس رب يحميه وينصره بإذن الله، لكن ماذا عنا نحن، أصحابه، وأين نذهب من عين التاريخ، وما فرطنا في حق مسجدنا ومدينتنا المقدسة.
إن السياسة الأردنية في ملف القدس لا تخوض معركة واحدة مع العدو فقط. هناك معارك جانبية كأنها الكابوس بعينه، تشغلنا وتشغل الأمة عن معركتها الرئيسية، وهذا ما يدعو للحزن بل والحسرة أيضا.