ليست الصدفة الطارئة التي تجعل الأردن الأكثر من دول العرب تعلقاً وتأثراً بالقضية الفلسطينية، إنه الدم والتاريخ والمصير المشترك، هي قصة شعب واحد مزقه الاحتلال، وتجاذبات السياسة، وضغائن العرب الذين لم يحتملوا وحدة الشعبين فسعوا إلى انهائها، ومع ذلك ظلت فلسطين أولى القضايا وأكبر الهموم الأردنية بالنسبة للقيادة وللشعب الذي أثبت أنه الشعب العربي الأكثر تاثيراً وتأثراً بمصائر فلسطين وأهلها.
أول أمس كان الملك عبدالله يتحدث في قمة منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول، ويؤكد في حديثه عن القضية الفسطينية أنها لا تنتهي إلا بانتهاء الاحتلال، و»أن القدس الشرقية ارض محتلة»، ولم تكن مواقف الاردن مجرد تصريحات سياسية وحسب، فالمستشفى العسكري الأردني في غزة منذ حرب غزة موجود يعالج الناس ويشافي ما أمكن منهم، ويرسل من صعبت حالته إلى عمان حيث المدينة الطبية ليلقى رعاية أكثر. وهو اليوم رقم 49 في سلسلته التي تتجدد كوادرها منذ أعوام.
اليوم يأتي الجرحى والمصابون لعمان ويعالج قسم منهم في مستشفى الخدمات الطبية الملكية في غزة هاشم، حيث قبر هاشم بن عبدالمطلب جد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وحيث التاريخ الراهن يلقي بحضور الولاية الهاشمية على المسجد الأقصى والمقدسات، فإن للهاشميين مع غزة قصة طويلة ومديدة بدأت قبل الإسلام وتستمر اليوم بيد الملك الهاشمي عبدالله الثاني الممدودة لأهل غزة عوناً ومساعدة.
وليكن معلوما أن الأردن لا يسعى لحمل ملف أو اجراء مناورة سياسية جماهيرية للحصول على شعبية، كما يشتهي البعض، ولا يسعى الملك عبدالله لاقتناص فرصة، أو الاستثمار بالأزمات، فالأردن له دم في أرض القدس، دم ملك ودم شهداء من كل قبائل الأردن، وهو كشعب فيه من أهل فلسطين أكثر من أي بلد عربي، والعدد الأكبر من أهلنا القادمين من فلسطين هجرة ونزوحا واقامة هم أردنيون في وطنهم الذي اقتسم معهم الارض والماء والخبز.
فالأردنيون لم يعتادوا المزاودة على فلسطين في سوق السياسة الدولية، وانما حين يتحدث الملك عبدالله الثاني عن قضية فلسطين، فهو يتحدث بلسان عموم أهله، وبحكم التاريخ الطويل والبطولات والتضحيات التي بذلها الجيش العربي الأردني وما قدمه المجاهدون الأردنيون على أرض فلسطين.
ليست في الحالة الراهنة للقضية الفلسطينية، ما يخبأ، فالعرب وأهل فلسطين يدركون من هو الصادق ومن هو الذي يمارس عليه الضغط كي يوقع ويبيع او يتخلى عن مسوؤلياته، وسيظل الأردن صامداً وقابضاً على موقفه التاريخي، وستظل الرعاية الهاشمية للقدس والمقدسات، وللجرحى والمصابين. لكي نساعد أهل فلسطين في الصمود والبقاء ورفع راية النضال الوطني. وهو ما دعا إليه جلال الملك عبدالله بوضوح في كلمته في قمة اسطنبول حيث أكد ضرروة دعم أهل فلسطين في العيش وفرص العمل ليواجهوا الاحتلال.
الدستور