ما بعد نقل السفارة .. انتظروا الأيام الأشد قتامة؟!
فيصل الملكاوي
20-05-2018 02:18 AM
بعد أن أصر الرئيس الاميركي دونالد ترمب على نقل السفارة الاميركية من القدس الى تل ابيب، ونفذ ذلك بالفعل، واحتفلت اسرة الرئيس الاميركي مع اسرة بنيامين نتنياهو ووضع اليمين الاميركي كتفا الى كتف الى جانب اليمين الاسرائيلي، وبخطابات عادت الى الوراء آلاف السنين لتنقل الصراع من طابعه السياسي الى طابع ديني باخطر أشكاله فإنه حان الوقت للامة العربية والاسلامية ان تفكرمليا بالمرحلة الجديدة التي وضع اسسها الرئيس الاميركي وحلقته الضيقة المتماهية تماما مع اليمين الاسرائيلي والتي تريد فرض الامر الواقع بتصفية القضية الفلسطينية دون الالتفات لأي اعتبارات فلسطينية ولا عربية ولا اسلامية ولا دولية ايضا فالاعتبار الوحيد كما عبر عنه الرئيس الاميركي واركان إدارته وحلقته الضيقة في البيت الابيض هو أن الولايات المتحدة أقوى دولة على الساحة الدولية.
انما تتفاخر بهذه القوة وتريد الحفاظ عليها بالدرجة الاولى لحماية اسرائيل وضمان ان لا يقف احد في وجهها مهما فعلت حتى أن واشنطن تريد عنوة معاندة المنطق والعقل البشري واقناع المعتدى عليه والمنتهكة حقوقه والذي يرزح تحت الاحتلال والعدوان أن كل هذه الشرور هي في صالحه وفي صالح إحلال السلام.
فأي منطق اهوج واي استخفاف بالعالم باسره هذه الفجاجة التي تقول ان اسقاط القدس من اجندة السلام وتصفية قضية اللاجئين وتقطيع أوصال الضفة الغربية المحتلة وابقاء المستوطنات فيها الى الابد وابقاء الهيمنة والسيطرة الامنية الاسرائيلية عليها وفوق ذلك نقل السفارة الاميركية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة ابدية لاسرائيل انما هي خطوات تاريخية لصنع السلام وان هذا اليوم الذي سقط فيه اكثر من 60 شهيدا فلسطينيا في غزة واكثر من ثلاثة الاف جريح بنظر البيت الابيض هو يوم اعتيادي لم يعكر صفو احتفال (العائلة ) في القدس بل ومر عليها دونما اي التفاتة تذكر.
كما أن المفارقة الأغرب أن المجتمع الدولي العاجز اضاف الى عجزه كلمات جوفاء وخرقاء بمناشدة الطرفين ضبط النفس وعدم التصعيد، بمساواة لا منطق فيها بين الجلاد المدجج بالسلاح والضحية التي لا حول لها ولا قوة وتجابه الرصاص بالصدور العارية، في يوم اسود ويوم عار، لا يمكن ان تمحوه عقود قادمة، في حين ان اي حديث عن السلام بات ضربا من الملهاة والمأساة في ذات الان، لان هذه العملية خرجت من غرقة العناية المركزة التي بقيت فيها في غيبوبة خلال السنوات الماضية، لتموت في يوم نقل السفارة من تل ابيب الى القدس، وليدفن معها ايضا كل مرجعيات الحل التي نسفها الرئيس الاميركي كما دمر أيضاً سبعة عقود من الرعاية الاميركية الحصرية لعملية السلام وان لم تكن هذه الرعاية في يوم من الايام تحمل في طياتها النزاهة الكاملة وان كان ذلك في بعض الاحيان فان واشنطن كانت تنكص عن الخطوة الاخيرة المطلوبة بالضغط على الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة للالتزام بالسلام بمرجعياته وتنفيذ استحقاقاته.
اعتقد جازما ان الايام السوداء، لازالت في الطريق، وان القادم اخطر مما جرى في الايام الماضية، لان حكومة اليمين الاسرائيلية، تعرف تماما مدى اتساع الفرصة السانحة امامها بوجود الرئيس ترمب في سدة البيت الابيض، لاجل القيام بكل الاجراءات لتصفية القضية الفلسطينية وتهويد القدس ، وفرض مزيد من الحقائق على الارض، كما ان الرئيس الاميركي لابد انه سيطرح خلال المرحلة المقبلة وربما في وقت قريب خطته المعروفة بـ (صفقة القرن) لاستكمال تنفيذها لان هذا التنفيذ بدا فعلا قبل الاعلان عنها وان خطوة نقل السفارة هو جزء اساسي من هذه الخطة وان ما تبقى هو التحصيل الحاصل المتروك لحكومة بنيامين نتنياهو لتقوم به والقوة الاميركية من خلفه باذرعها المختلفة الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية، في الوقت الذي لا يمكن التعويل فيه على المجتمع الدولي ولا على قواه المختلفة التي رفضت جميعها ملء الفراغ الذي يحدثه الرئيس الاميركي في كل القضايا المهمة على الساحة الدولية كما ان هامش المناورة بات معدوما في اقناع ساكن البيت الابيض وفريقه باي اعتبارات لقيم التحالفات والعلاقات التقليدية.
فالعين الاميركية لم تعد ترى المنطقة الا بعين الحكومة الاسرائيلية التي تملي السياسة الأميركية في الشرق الاوسط والدليل ان من يعرف لغة نتتنياهو جيدا فإنه سيرى ان ما يقوله بالحرف والكلمة يردده الرئيس الاميركي وفريقه اقوالا وافعالا وبلا اي تردد.
الرأي