هو الاردن في دبلوماسيته التي ما راهنت على مصالح ضيقة ولا آنية ،ولم تكن رهنا وتبعا لمواقف الأخريين إلا وفقا لمصلحة وطنية اردنية،وعربية قومية،وإسلامية انسانية،مواقف ترسمها وضوح الرؤية الواقعية والمستقبلية ،فليس الاردن اللقمة السائغة،ولا موقفه التحصيل الحاصل من تحالفات المال والأعمال.
اليوم تنشغل الآراء والتحليلات في موقف الاردن من تداعيات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيقف الاردن قلعة الصمود الأولى في الرفض العلني الرسمي والشعبي،والسعي الدؤوب لتشكيل رأي عام دولي مع أحرار العالمين القرار باطل ومخالف لكل الأعراف والشرائع الدولية والإنسانية والاتفاقيات والمواثيق دون مجال للمحاماة والمساواة.
وفي ظل هذا الموقف الثابت الأصيل لا يتوانى الاردن لأن يكون في قمة إسطنبول التركية وبوادر ملكي هاشمي رسمي يعكس حجم الموقف الأردني الداعم والمساند والمطالب لحقه اولا بالوصاية على القدس المحتلة وصاية دينية وإنسانية، ويعكس تاريخية الدور الأردني والواجب الذي ارتضاه الجد المؤسس الثائر الحسين بن علي طيب الله ثراه وصولا للملك المعزز عبدالله الثاني بن الحسين، وإيمانا من الاردن أن المصلحة الأردنية والعربية والإسلامية والدولية في الوصول إلى الحل الوحيد والنهائي في القدس المحتلة على أساس الشرعية وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.
والأردن لم يتخلى ولن يتخلى عن أشقائه العرب والحلف العربي الذي يعمل على دعم الحق الفلسطيني من خلال مؤسسة القمة العربية التي تتولى رئاستها الشقيقة المملكة العربية السعودية ،وهناك اتصال دائم معها فلا الاردن ابتعد عن أشقائه العرب ولا العرب تخلو عن دعمهم للموقف الأردني والفلسطيني ،وما إرهاصات المحللين في العديد من المؤشرات الا ضرب من قراءات غير واقعية،صحيح أن الأفكار والمعالجات قد تختلف لكن الثوابت متوافق عليها ولا مجال للعمل على تعديلها وتبديلها.
لقد أعلن الاردن مطلع هذا العام ان موازنة الدولة فيه لم تعد تعتمد على المساعدات والهبات التي كان يعتمد عليها ،نعم،لكن ذلك لم يكن نتيجة مواقف أشقاء أو انقلاب منهم على مواقف الاردن ،بل إن هذه الدولة تعاني اقتصاديات من العجز والتراجع في المؤشرات بعد عمليات التصحيح والإصلاح الذي كشف مدى الحاجة إلى ذلك ،وما يدلل على ذلك الخطوات التي اتخذتها تلك الدول تجاه مواطنيهم والمقيمين على أراضيهم والمؤشرات العالمية تجاه اقتصادهم ،ولهم العذر في أن يفكروا في مصالحهم كما نحن نفكر في مصالحنا.
والأردن مرة أخرى وليست أخيرة يؤمن بالعمق العربي كما يؤمن بالعمق الاقليمي والإسلامي وسياسته ودبلوماسيته هي محل احترام العالم أجمع ولا برود ولا تراجع عن مواقفه السياسية في العراق وسوريا واليمن ومحاربة الإرهاب وقال كلمته الدائمة أن القضية الفلسطينية هي القضية المحورية وحلها على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.