العناصر الخمسة التي تؤطر زيارة الملك عبدالله الثاني إلى واشنطن
مالك العثامنة
23-04-2009 01:12 PM
حمل جلالة الملك عبدالله الثاني معه إلى واشنطن "الموقف العربي" في الحل النهائي للنزاع العربي الإسرائيلي بتفويض عربي رسمي على مستوى القمة.
وفي واشنطن، وبقدرة ومعرفة يطرح عبدالله الثاني الموقف أمام واشنطن مستندا إلى خمس عناصر منهجية تشكل إطار الزيارة الملكية إلى واشنطن:
- الملك عبدالله الثاني هو الأكثر قدرة على فك أبجديات السياسة الأمريكية التي تتجاوز ما قد يعتقده البعض لقاءا أمام المدفأة في البيت الأبيض واستقبالا على سجاد أحمر، فعبدالله الثاني، الممنهج بطبيعته على الطابع العملي والملم بمفاهيم القوة ومراكزها في واشنطن، يملك مفاتيح الفهم البعيدة عن الخطاب الإنشائي، ومن هنا كان التوافق العربي على أن يكون جلالته المفوض "عربيا" بنقل الرسالة العربية إلى الإدارة الأمريكية، وهي عملية معقدة تبدأ بمقدمات يدركها الملك، من هنا كانت لقاءاته السابقة واللاحقة للقائه مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ممنهجة على تشكيل قواعد إسناد ودعم قبل وبعد طرح الموقف العربي في البيت الأبيض.
- العنصر الثاني متعلق بالرئيس الأمريكي باراك أوباما وطاقم إدارته الديمقراطية الجديدة، وهي الإدارة التي التقط الملك إشاراتها مبكرا، وأدرك نمط تفكيرها وفهمها المختلف عن الإدارة الأمريكية السابقة، فالإدارة الحالية في واشنطن تلتقي مع الملك عبدالله الثاني في أهم نقطة تفاهم مشتركة وهي الإسراع بالحلول العملية بدون مماطلة، والسعي إلى وضع الأفكار محل التنفيذ فورا وبدون إبطاء.
- العنصر الثالث، يتعلق بالأردن ذاته، فالموقف السياسي الأردني شكل عبر تاريخه الطويل في العلاقات الدولية صورة نمطية للإعتدال مما يعطي زخما بقبول ما يطرحه الأردن لدى العالم الغربي، بحجة المنطق والواقع، وهي صورة استهلكت من الأردن –الدولة عبر تاريخه عقودا طويلة من القيادة المتوازنة والصعبة في محيط متلاطم الأمواج.ومن هنا فإن الأردن حين يتحدث، فإنه مسموع بشكل أكبر من سياسات أخرى تعتمد على إنشائيات الإنفعال الآني والتي من الصعب أن تشكل موقفا يمكن الاعتماد عليه.
- التوافق العربي وإن بالحد الأدنى، وهو عنصر مهم لإختراق التطرف الإسرائيلي من جهة، ولتفكيك جزر التطرف الأيدولوجي من جهة اخرى، في ظل يأس عربي على مستوى الشعوب من حلول واقعية، وهذا اليأس طالما كان يؤسس لتغذية التطرف والتعصب والانغلاق في عالم يحتاج الى الانفتاح والتعاون لحل أزماته.
- الظرف الدولي، وهو ظرف دولي سانح تراكمت ظروف قاسية في سنوات قليلة من تشكيله كنواة لوعي جديد يسود العالم ، ملخصه أن الحوار المنطقي والتعاون الدولي فقط لا غير يشكلان الحل الوحيد لأي نزاع، خصوصا بعد فشل التجربة "البوشية" في مقارعة الأزمات بأزمات أكبر، وهو ما أدى في المحصلة إلى أزمات عنقودية متوالدة.
زيارة الملك إلى واشنطن، هي الزيارة الأولى لرئيس دولة كما أشار الرئيس أوباما إلى ذلك في مقدمة مؤتمره الصحفي المشترك مع جلالة الملك، وهي زيارة تحمل دلالات عديدة تؤسس لخارطة جديدة من العلاقات في الشرق الأوسط، قائمة على الفهم والواقعية وتنفي بالضرورة مفاهيم الإلغاء والتوحد باتخاذ القرار، وما قاله الرئيس الأمريكي في المؤتمر الصحفي كملاحظات على قضايا عديدة في الشرق الأوسط يشير بوضوح إلى محاولة أمريكية جادة لفهم أكثر وتفهم أكبر، وجلالة الملك عبدالله الثاني يمتلك مفاتيح الذهنية الأمريكية باقتدار، وهو ما نحتاج إليه الآن واليوم، اكثر من أي وقت مضى.