الصوم لرفع عذابات البشرية!
سليمان الطعاني
19-05-2018 03:12 PM
لماذا لم یدرك المسلمون قیمة الصیام وھدفه الحقیقي لغاية الآن؟ لماذا لا يجعل المسلمون من الصوم تظاهرة حقيقية لخدمة الإنسانية ولرفع عذابات البشرية ويترجمون للعالمين عن درس لا أروع ولا أجمل عن الأمة الإسلامية؟
لماذا لا نسمع مثلاً أن الامة المسلمة وأكثرها فقراء ومعدمون، تتبرع بكذا وكذا مليار احتفاءً برمضان من أجل رفع عذابات المستعبدين والجائعين حول العالم مسلمين وغير مسلمين". ليصبح الصوم بذلك ثورة حقيقية، في قيمنا ومفاهيمنا الفرديَّة والاجتماعيَّة ورسالتنا الدينيَّة حول العالم وعلاجاً فعالاً للأزمات الإنسانيَّة التي تعاني منها البشريَّة الآن..... هذه تساؤلات محِقة لأحد الدعاة.
وهذا يذكرنا بالدرس الذي لقّنه غاندي للعالم، أشھر غاندي سیفاً مع العصیان المدني فأصاب اقتصاد بریطانیا العظمى إصابة بالغة. على أثر مجزرة عام 1919 قام بها الانجليز في بلاده، قرر المهاتما غاندي أن یرحلَ الاستعمار البریطاني. نذر صوماً رائعاً بدأه بنفسه فحرّر ذاته أولاً، فصام الشعب الھندي اقتدا ًء بزعیمه الذي وثق به وبتاريخ نضاله ورفض الصناعات البريطانية جملة وتفصيلا، بالصوم ولكن ليس هذا الصوم الشرعي، إنه صومُ الامتناع والكف عن المنتوجات البريطانية التي كانت تغرق السوق الهندية، بريطانيا المستعمرة كانت تعتمد في اقتصادها اعتماداً كبيراً على المستهلك الهندي، كان في الهند صناعات نسيج ممتازة ولكنها دُمّرت بالكامل لحساب الصناعات البريطانية، قال لهم غاندي لا نريد أن نلبس من منتوجات مانشستر سنلبس الخيش وأنا سألبس الخيش أولاً وسأعيش نصفَ عارٍ وسأستُر عورتي بمغزلي الذي أغزل به صوف معزاي! وهكذا فعل!
قال غاندي: هم يحتكرون الملح، ولكننا سنأكل الطعام بلا ملح! وصار الخبز الھندي مميزاً بلا ملح. ثم ساروا إلى البحر واستخرجوا الملح بأنفسھم. وأعلن العصیان المدني وتبعه الشعب. فتململت حكومة بريطانيا العظمى ووجدت في الرحیل مخرجاً... ھذه فلسفة الصوم الحقيقية، تشحذ الإرادة وتقوي العزيمة، ولا تقتصر على الزھد بالطعام والشراب بل تمتد لكل متطلبات الرفاھیة المنغمسة بالذل والصغار....
قصة غاندي حرّكت مشاعر الشاعر القروي سليم خوري وأخذ يصف صيامنا وصيام غاندي فقال:
لقد جاع هنديٌ فَجوّعَ أمــةً ،،،،،، وما ضَرّ عِلْجاً صَومُ مليونِ مسلم،
تَجَشّم عن أوطانِه صومَ عامدٍ ....... فجَشّم أوطانَ العدى صومَ مرغَمِ
فعندما جاع غاندي جوّع الدولة العظمى استخدم جوعه سلاحاً أدبهم وحرر أمته من الاستعمار، وجوّعَهم وصاموا مرغمين.
الصوم ممكن ان يشكل ثورة حقيقية في مفاهيمنا وقيمنا الفردية والاجتماعية وفي رسالتنا الدينية على مستوى العالم لو فهمناه حقاً وفلسفناه هذه الفلسفة وحوّلناه الى ثقافة نتلقاها ونلقنها لأبنائنا مع حليب الأمهات.
لماذا لم یدرك المسلمون قیمة الصیام وھدفه الحقیقي لغاية الآن؟ لأنھم یصومون صياماً تقلیداً دینیاً تكلیفیاً ینتھي بالعید احتفالاً...