الطوشة الكبرى في إنتخابات المؤتمر الطلابي العام ( 1954 )زياد ابو غنيمة
19-05-2018 03:50 AM
حين أسترجع المشهد الحزبي على الساحة الأردنية في خمسينيات القرن العشرين المنصرم ، وتحديدا على الساحة الإربداوية ، يقفز إلى ذاكرتي سجِّـل ٌ حافل ٌ من المصادمات القلمية على صفحات الجرائد ، أو اللسانية في المهرجانات أو الندوات ، أو اليدوية في المشاجرات التي كانت تحدث بين الإخوان والحزبيين أثناء المظاهرات ، ما زلت أذكر عشرات الطوشات التي كانت تنشب بيننا وبين إخواننا الحزبيين في إربد ومن بين هذه الطوشات ما كنا نتندر بتسميتها بالطوشة الكبرى وهي التي حدثت في فترة وجود الحكومة الحزبية في منتصف الخمسينيات ، وكان سببها محاولة إخواننا في الأحزاب اليسارية والقومية منعنا من المشاركة في تأسيس المؤتمر الطلابي العام لطلاب الأردن ليتسنـَّـى لها إحكام سيطرتها على المؤتمر ، وكنت آنذاك لا أزال عضوا في قسم الطلاب في شعبة الإخوان بإربد بعد أن أنهيت الدراسة الثانوية وحصلت على شهادة " المترك " والتحقت بوزارة التربية والتعليم معلما في مدرسة شرحبيل بن حسنة القريبة من مسجد الهامي ، وقد بدأت مؤشرات التصميم على إبعادنا عن المؤتمر باستبعاد أي ممثل لطلاب الإخوان في اللجنة التحضيرية للمؤتمر برئاسة الناشط البعثي الطالب هاني خصاونة ( الدكتور المحامي والوزير لاحقا ) ، وكان واضحا أن جميع الأحزاب وفي مقدمتها الحزب الوطني الإشتراكي ألقت بثقلها لدعم خـُـطة الأحزاب اليسارية والقومية لإحكام سيطرتها على المؤتمر ، وبلغ التوتر ذروته في يوم إجراء أول إنتخابات لإفراز قيادة المؤتمر عندما وصلت جموع طلاب الإخوان إلى المدرسة ليتفاجأوا بأن اللجنة المشرفة على الإنتخابات تواطأت مع طلاب الأحزاب وسمحت لهم بدخول القاعة مبكرا قبل الموعد المحدد لفتح أبوابها وقامت بإغلاق أبواب المدرسة ، فتجمَّع المئات من طلاب الإخوان الذين كان من بينهم مئات من طلاب الإخوان الذين قدموا من عجلون وجرش والرمثا والنعيمة والصريح وغيرها من قرى جوار إربد حول المدرسة محاولين دخولها دون جدوى ، وحمي وطيس المواجهة بعد أن أعلنت اللجنة المشرفة عن فوز كامل قائمة مرشحي الأحزاب التي خاضت وحدها الإنتخابات دون منافسة وكان منهم الناشط البعثي الطالب هاني خصاونة الذي أصبح رئيسا للمؤتمر العام لطلبة الأردن والناشط البعثي الطالب محي الدين المصري ( السفير لاحقا ) الذي أصبح سكرتيرا عاما للمؤتمر ، إشتط الغضب بطلاب الإخوان وهاجوا وماجوا وارتفعت هتافاتهم مندِّدة بما جرى وكسروا بوابة المدخل الرئيسي للمدرسة واقتحموا القاعة لتبدأ الطوشة الكبرى التي سرعان ما انتقلت إلى الساحة الخارجية الأمامية للمدرسة ، ولا زال أكثر الذين شهدوا تلك الطوشة من أبناء جيلي يذكرون منظر الشقيقين فيصل وسفيان التل وهما يوسعان بعضهما ضربا ورفشا وشدَّ شعر ٍ على سِـدَّة مدخل مدرسة إربد الثانوية ، كان فيصل يومذاك زعيما طلابيا بعثيا ، وكان سفيان وكان يصغر شقيقه فيصل عمرا زعيما طلابيا إخوانيا ، وما زالت ندبة في رأسي تشهد أنني تلقيت يوم الطوشة الكبرى ضربة من " قنوة " من أحد إخواننا البعثيين من طلاب عشيرة بني هاني ( البارحة ) . |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة