لماذا اختيرت ايفانكا ترامب لافتتاح مبني السفارة الأمريكية في القدس الشرقية المحتلة وهي لا تحمل أي صفة رسمية داخل البيت الأبيض أو داخل الإدارة الأمريكية؟
فهل هي رسالة احتقار وتحقير للعرب والعروبة واستخفاف بهم وبغضبهم وبرجولتهم من خلال جعل امرأة تعلن " يهودية القدس"؟ أم أن المسالة أبعد من ذلك؟، وهل أراد ترامب والصهيونية الأميركية امرأة يهودية تفتح مبنى السفارة لتسجيل لحظة تاريخية فارقة في تاريخ هذا الصراع وهذه المدينة ولتثبيت أن القدس يهودية، ولأن يصبح ترامب وابنته اليهودية جزءاً من تاريخ المدينة المقدسة ( إيفانكا اعتنقت اليهودية بعد زواجها من كوشنر اليهودي).
ربما يكون المقصود من وراء "إيفانكا" مقاصد عديدة ولكن مهما تعددت تلك المقاصد فان إهانة العرب والعروبة والإسلام هو هدف واضح لا لبس فيه.
لا أعلم لماذا خطرت على بالي وأنا اكتب هذا المقال "دليلة " التي خدعت شمشون الفلسطيني؟
تخيلت أن ايفانكا هي "دليلة" اليهودية التي قصت شعر "شمشون الفلسطيني" وحاولت نزع مصدر قوته البدنية، والذي نبت شعره بعد حلقه بفترة قصيرة وبقي متكتماً على هذا الوضع إلى أن أُدخل المعبد في مدينة غزة من أجل الاحتفال بضعفه وزوال قوته وخطره، غير أن شمشون، ورغم فقدانه لبصره استعاد قوته وهدم المعبد الذي كان يُحتفل به على نفسه وعلى كل من كان فيه.
ايفانكا ترامب أدخلت شمشون الفلسطيني المعبد بالخداع والتآمر ولكن من قال لها إن شمشون الفلسطيني قد انهزم ولن يستطيع استعادة قوته وعافيته؟
الصراع مازال مفتوحاً والفلسطينيون لم يراهنوا يوماً على العرب في هذا الصراع رغم بعض الحالات الاستثنائية، وكانوا دائماً هم من يقدمون الدم والأرواح، واليوم هم يخوضون المواجهة بنفس الضراوة والقدرة على التضحية، غير عابئين بميزان القوى السياسي والعسكري المختل تماماً لصالح الكيان المغتصب والقوى الحليفة له، وفلسطين كانت على الدوام "صُرة الكون"، ورمزية العدالة فيه أو رمزية الغضب على التعسف والاضطهاد والصراع الذي لن يتوقف عند افتتاح "إيفانكا" مبنى السفارة الأميركية في القدس، بل على العكس فإن موجاته سوف تتصاعد ودمويته ستزداد على غرار أسطورة "شمشون ودليلة"، وكيف واجه شمشون خصومه الذين كانوا بآلاف بـ"فك " حمار وقضى عليهم جميعاً.
إن التحالف بين الجهل الذي يمثله ترامب وحلفاؤه في العالم وبين العنصرية التي يمثلها نتانياهو ورأس المال اليهودي، هو تحالف "هش". ورغم اعتقاد البعض أنه لا يهزم فإن قانون "التاريخ" سيهزمه لأنه يقر وبوضوح "أنه لم يبق" هناك قوة طاغية على قيد الحياة منذ ما قبل التاريخ وإلى اليوم، ولكن في المقابل فإن انحاز للقضايا العادلة على مر الزمن ابتداءً من عدالة حالة النبي موسى في مواجهة طغيان الفرعون، مروراً بعدالة قضية السيد المسيح وانتصاره بقيامته على "صالبيه" من اليهود والوثنيين الرومان وصولاً إلى عدالة قضية النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وقدرته على هزيمة أكبر إمبراطوريتين على وجه الأرض. وقتذاك بفضل عدالة رسالته ألا وهما، الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية.
في قانون التاريخ هناك الكثير مما يمكن أن يُكتب ويقال، وإن من بين أهم مبادئ التاريخ أن الطغاة ومهما طال زمنهم فهم عاجزون عن البقاء، وهذا سر من أسرار الكون الذي لا يمكن "لإيفانكا" أن تستوعبه، فلو طلب منها مثلاً أن تقوم بالموت من أجل القدس، فهل ستفعل ذلك؟
بكل تأكيد لن تفعل!
بينما أبناء فلسطين وتحديداً في غزة الذين قدموا أرواحهم قرابين للقدس وفلسطين تحت عنوان معركة القدس ونقل السفارة الأمريكية؟
سيسجل التاريخ أن عائلة ترامب العائلة "الحاكمة لأمريكا" لم تكن قادرة على الإقدام على هذه الجريمة التاريخية بحق القدس والشعب الفلسطيني والأمتين المسلمة والمسيحية لولا أنها عائلة لا ارتباط لها بقيم أو أخلاق او مبادئ .
ستدخل عائلة ترامب وتحديداً "إيفانكا" أكثر صفحات التاريخ "قذارة" على غرار تاريخ "دليلة" أو "إرحابا" المومس التي أدخلت يشوع بن نون وجيشه على مدينة أريحا المحصنة ودلتهم على أبوابها السرية وتم احتلالها.
التاريخ لا يرحم!