ندرك بعد تجارب عديدة بالحياة ودروس لم نتعلمها من صفحات الكتب وابجديات اللغة ، ان الانسان لا يشعر بالراحة الحقيقية الا اذا كان متصالحا مع ذاته وخالقه .
فلا علاقة اصدق وانقى ترتفع بنا الى مساحات من الطمأنينة والسلام الداخلي كعلاقة الانسان بخالقه هي تلك العلاقة التي لا تحتاج الا جهد ولا تعب لفهمها كما في علاقتنا مع الاخرين فهي لا تحتمل الخذلان والانكسار والالم اذ ما قررنا نحن ان نعيشها بكل صدقها وقدسيتها .
هي العلاقة الوحيدة التي نحتاجها نحن ونسعى الى ان تكون بارقى صورها لتمنحنا كل ما نحتاجه من حياتنا وايامنا فلا غيرها يغيرنا ولا سواها يمنحنا الشعور بالراحة والاستقرار الذي لا يمكن لانسان اخر ان يمنحنا اياها دون لحظات من الالم والتعب لنصل الى ما نحتاجه .
وبالرغم من خصوصية هذه العلاقة التي يعيشها الانسان بمفرده مع خالقه الا ان الكثيرين يبتعدون عنها لا يدركون قيمتها و يتجاهلون بملء ارادتهم عظمتها وما يمكن ان تمنحنا اياه من كل ما نريده .
كثيرة هي النفوس التي تاخذها الحياة بمتاعبها وهمومها وافراحها ورونقها تنسينا مكانتنا الحقيقية وحاجتنا لان نكون مختلفين صادقين قادرين على فهم رحلة العمر كما هي دون ان نكون محملين باليأس والمشقة.
عندما نكون قادرين ان نتفهم علاقتنا مع خالقنا ندرك مكنوناتها وقدسيتها لا تصبح رحلة العمر متعبة بل نكون قادرين على التعامل مع متاعبنا بعمق اكثر وطمأنينة بأن كل ما نواجهه هو من ضمن اقدارنا نسلم بها ونطلق آلامنا ونسلمها لخالقنا .
كم من اللحظات التي ضاقت بها الحياة علينا وتسلل الحزن الى قلوبنا ،ولم يكن احد من البشر من حولنا قادراً على اعادة الامل لدينا وتبديد احزاننا سوى االله عز وجل؟
كم من اللحظات التي تهربنا منها من جمالية هذه العلاقة ولم ندرك ان ابواب السماء مفتوحة الينا تنتظر ان نتوجه اليها ولا نبتعد عنها ولكننا ابتعدنا ولم نتمكن من الشعور الا بالحزن واليأس .
كم من اللحظات التي اكتشفنا بها ان لا شيء بهذه الحياة يضاهي علاقتنا بخالقنا والتقرب اليه واللجوء اليه معترفين بضعفنا واحتياجنا لرحمته وقدرته على منحنا الطمأنينة والسعادة .
كم نحن متعبين غير قادرين على تلمس الفرح والشعور بقيمة الحياة الزائلة لاننا نبحث عن كل ما يمكنه ان يسعدنا بعيدا عن جمالية هذه العلاقة الاقدر على منحنا شعور الوجود واكتشاف حقيقة الحياة ؟
كلما تقدم الزمن بنا كلما زادت الحياة صعوبة وكلما امتلأت قلوبنا بما يتعبها وزدادت النفوس غربة واحتياجاً لمن يبدد آلامها وغربتها ويعيد لها رونقها لتستمر وتحيا دون الشعور بان الحياة لا معنى لها .
هي الحياة لا نملك امامها سوى الامساك بنور وعلاقة خفية تجمعنا بخالقنا لكنها علاقة عليها ان تغيرنا من اعماقنا لا تقتصر على العبادات فقط لكنها تلامس نفوسنا من اعماقها تجعلنا ندرك ان حياتنا كلها بتفاصليها وعلاقاتها مع الاخرين هي جزء ايضا من ذاك النور الذي يقودنا الى الراحة والطمانينة .
لا اشقى من النفوس التي لا تكتشف عمق وقدسية العلاقة التي تجمع الانسان بخالقه ولا تسعى لايجادها بهذا العمر لنشقى مرتين الاولى بابتعادنا عن ما يمكنه ان يجلب لنا السعادة والاستقرار الذاتي والتسليم بمكنونات الحياة والثانية لافتقادنا ذاك الضعف البشري لخالقه واعتقادنا باننا نمتلك من القوة ما يدفعنا للاستمرار بالابتعاد لنكتشف ان تلك القوة ليست سوى وهم نعيشه لا مرفأ له .
لسنا بحاجة سوى لتلك العلاقة التي تغنينا عن اي شيء اخر .
لسنا بحاجة سوى للشعور بالرضا الداخلي والاعتماد على خالق الكون والتسليم بقدره والايمان برحمته ، فنحن نحيا اليوم بحياة وايام اكثر تعقيدا وغربة لا نشعر فيها بالراحة ونتلمس الشعور بالسعادة نبحث عنها لكننا لا نجدها كما نريد الا من خلال ذاك الطريق الذي يقودنا لاستعادة دفء ارواحنا وسكينة نفوسنا ويمنحنا القدرة على العيش بسلام دون خوف من الاتي ...
العودة قرار وذاك المشوار كل ما يحتاجه منا البدء من داخل اعماقنا ،من النظر للحياة نظرة مختلفة من اعتبارها محطة عبور لا مرفأ .
نحن من نسعى لتعزيز تلك العلاقة مع خالقنا بانفسنا من الاقتراب يوما تلو الاخر وعاماً تلو الاخر من القناعة بان لا شيء بهذا الكون يستحق منا ان نسعى اليه قدر حاجتنا لتلك العلاقة التي منها وبها تكون البدايات لنستمر ونحن مدركين حقيقة الكون والحياة.
كي نبدد مخاوفنا ومتاعبنا ويأسنا وهمومنا ،علينا ان نبقي مساحة كبيرة بيننا وبين الحياة وان لا نتوقف عن الايمان ولو للحظة واحدة علنا نجد السعادة التي نطمح اليها فتلك العلاقة التي تجمعنا بخالق الكون هي الوحيدة التي تجنبنا الالم والخذلان والانكسارات وهي الاقدر على مدنا بالقوة التي نحتاجها للاستمرار وهي خيار ان تجاهلناه سنشقى برحلة العمر وستبقى نفوسنا تدور بفلك الضياع والخوف .
الرأي