ادارة الدولة .. بين الاستعلاء والأسترضاء .. !!!
د.طلال طلب الشرفات
17-05-2018 09:20 PM
الحالة الأردنية حالة غريبة ومغتربة عن التجارب الدولية في ثقافة ادارة الدولة وسيكولوجية القائمين عليها ، ثقافة خليطة بين الغث والسمين ومختلطة في امكانية بناء قيم ادارية وسياسية سليمة تخلو من العوار او الشلل او حتى الأستعماء احياناً ، والأردني الذي يشغل الموقع العام في الغالب الأعم – للأسف – غير مؤهل لأتخاذ قراره الأداري او السياسي بمعزل عن رغباته وانفعالاته ومواقفه الشخصية او المناطقية لأنه ينطلق من فكرة ملكية الموقع الذي يشغله ، الا من رحم ربي وتلك فئة قليلة سرعان ما تتعرض للتقريع والتهميش والأقصاء بطريقة او بأخرى .
ما يدار في الخفاء وعبر جلسات التفريغ الأنفعالي والنفعي او من خلال الوكلاء والوسطاء مشين ومدان ، والازداوجية الذهنية والنفسية وبون المسافة والمساحة بين ما يقال وما يعتمر في النفس والرغبة هي سمة رافقت القرار الاداري والسياسي منذ زمن وان كان ذلك بدرجات ومستويات مختلفة ، فادارة الدولة بثقافة العائلة والعشيرة ومدير الشركة هي افتئات على سيادة القانون ومتطلبات الأنتماء وحسن سير ادارة المرافق العامة ، ويؤدي الى قتل منطلقات الوطنية ومتطلبات المواطنة .
في الأدارة الأردنية استعلاء معيب واسترضاء مدان واستقواء حقيقي على سيادة القانون بالأحتيال القانوني غالباً وبالصلف الذي شهدناه بالدول الشمولية في حالات قليلة ، وفي الادارة الاردنية فراغ مؤلم من القادة وجيش مترهل من الموظفين والمدراء والذين يديرون دوائرهم بروح تسيير الأعمال بعيداً عن المبادرة او الشجاعة في اتخاذ القرار بعد ان ترسخت ثقافة التبعية المقيتة والأنقياد للمسؤول الأعلى بعيداً عن الحقيقة الناجزة التي تقرر ان تبعية الجميع هي للقانون وسيادته .
في زيارة جلالة الملك الأخيرة لمحافظة جرش كان واضحاً اتساع المسافة بين الرؤى الملكية القائمة على المبادرة والمتابعة والتقاط الأفكار الأيجابية وتعزيزها والخطط الحكومية التي لم تدرك بعد ان جرش وعجلون كنز سياحي وزراعي يمكن استثمارهما من خلال منطقة تنموية تركز على هذين المحورين ، وكان واضحاً اكثر ان الحكومة لم تتابع بفعالية وانطلاق ومبادرة نتائج الزيارات الملكية الى هولندا والهند وغيرها ، فالادارة الاردنية اعتادت على التوجيه في كل خطوة وباسلوب بيروقراطي وليس التقاط الفكرة واستثمار توقيتها وتحويلها الى واقع مفيد للدولة ومواطنيها .
لا اشك في نوايا رئيس الحكومة ومعظم افراد فريقه ولكن الدول لا تدار بحسن النوايا فقط ولكنها تدار بالتشاركية والاحترام الفعلي لسيادة القانون وليس بالالتفاف عليه ، والابداع في الحصول على المعلومة الحقيقية الدقيقة قبل اتخاذ القرار وعدم الانصات للمنافقين والمتملقين وخبراء الاقصاء والاسترضاء واستشارة الجهات التي تملك دقة المعلومة ومهنيتها دون الزام ، فالدولة الاردنية لا تدار الا بالحب والعدالة والمساواة ...!!