الحديث عن النكبة في الأردنية والدوحة
د.مهند مبيضين
15-05-2018 01:13 AM
نظمت الجامعة الأردنية الأسبوع الماضي مؤتمراً دولياً بعنوان «القضية الفلسطينية إلى أين». وكان هذا بمناسبة الذكرى السبعين للنكبة.
وهذا الاسبوع عقدَ أيضاً المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات في الدوحة، مؤتمراً بعنوان: «سبعون عاماً على نكبة فلسطين: الذاكرة والتاريخ».
كانت المناسبتان علميتين، إلى حدٍ كبير، من خلال الأوراق التي قدمت أبحاثاً علمية، وقراءات دقيقة للحالة الفلسطينية ومسار النكبة خلال العقود السبعة المنصرمة، وهنا يمكن القول إن استعادة النكبة كمناسبة علمية قد أنجز من قبل أهم المؤسسات الفاعلة علمياً في المنطقة العربية.
لم يكن هناك ابتعاد عن مفاصل النكبة وظروفها، ولم يكن هناك تاريخ مجمل يقدم، أو محاولة لاثبات تاريخ جديد للنكبة، بقدر ما كان الهدف معاينة التاريخ والزمن السياسي الذي حدثت به النكبة، والنتائج التي ترتب عنها من شتات فلسطيني وفشل عربي بامتياز.
اليوم النكبة الفلسطينة لا تزال نتائجها قائمة، والتي تعمقت بعد النكسة، ولكن النكبة كانت نتيجة مسار عربي اقليمي، ومحلي في فلسطين، وفي سياق الروايات العربية ثمة نصوص عديدة عن النكبة.
هناك الرواية العربية الرسمية الباحثة عن براءة الهزيمة، وهناك الرواية الغربية، وهناك الرواية الصهيونية، والأهم اليوم هو الرواية الفلسطينية، التي بدأت مبكراً مع محمد صالح الخفش وعارف العارف وقدري طوقان وصبحي غوشة ووليد الخالدي ورشيد الخالدي وعادل مناع وغيرهم.
كما أن النكبة تحضر فلسطينياً في مسار ما قبل التقسيم العام 1947م، حيث يبحث غسان كنفاني في اسباب فشل ثورة 1936 ويعاين عبد العزيز الثعالبي الوضع الفلسطيني في مرحلة ما بعد المؤتمر الإسلامي في القدس 1931م. وهناك اعمال روائية وفكرية ومسرحية وشعرية جعلت النكبة حدثاً حاضراً حتى اليوم، وليس مجرد ذكرى.
وفي هذا السياق التذكري للنكبة في المؤسسات البحثية العربية، يجب الإشارة إلى أن الحالة العربية الراهنة، وما يدور عن المستقبل الفلسطيني هو الذي يفرض علينا مهمة الابقاء على الأحداث الكبرى وإعادة معاينة الظرفية التاريخية التي جاءت بها النكبة وما نتج عنها من نتائج وحقائق ماثلة على الأرض اليوم.
إننا في زمن عربي لا يقل سوءاً عن زمن النكبة، التي كانت الدول العربية آنذاك في بداية استقلالها، وكانت غير مستعدة على خوض مواجهة مع الغرب الذي كان يدعم اسرائيل وقيامها، هذا في الوقت الذي كانت فيه دولة الاحتلال قد قطعت شوطا كبيرا في بناء المؤسسات قبيل اعلان انتهاء الانتداب، وبالتالي الوصول إلى النكبة.
في الختام، ينبغي الإشارة إلى المراجعات الصهوينية من قبل المؤرخين الجدد في اسرائيل، والذين كشفوا عن رواية اسرائيلية جديدة فيما يتعلق بالتهجير الفلسطيني، وهذا أمر لم يحدث في المجال العربي، والذي ما زال عالقاً في البحث عن متهمين وجناة وربما خونة.
المهم اليوم في ظل الطفرة الوثائقية العودة لدراسة مجتمع النكبة فلسطينيا وعربياً، فإن لم يكن من نتائج هذه العودة المجيء باسباب مقنعة للمآل الفلسطيني، فإنها ممكن ان تقدم لنا صورة قريبة عن تاريخ الناس آنذاك.
الدستور