التهرب الضريبي، جريمة أم فضيلة!
د. عادل محمد القطاونة
13-05-2018 01:25 AM
تداول الشارع الاردني خلال الايام القليلة الماضية موضوع التعديلات الضريبية بنوع من الإستعجاب والإستغراب؛ الغضب والعتب؛ فالحكومة بينت أسبابها للتعديل، والمواطن وضح أسبابه للرفض والتأويل! وبين مواجهة ومكافحة للتهرب الضريبي، ومطالبة ومعاقبة للمتهرب الضريبي؛ وبعيداً عن التأويلات القانونية بين جنحة وجناية؛ تساءل البعض على أهمية التهرب الضريبي على الوطن والمواطن، فهل هو جريمة ام فضيلة؟
التهرب الضريبي جاء ذكره في المادة رقم (66) من قانون ضريبة الدخل الحالي رقم (34) لسنة (2014) والمهدد قريباً بالتعديل والتحويل، التجميل والتأصيل، ليكون قانوناً أكثر قوةً وصرامةً مع المواطن المتهرب وغير المتهرب، فالمُتهرب سيُسجن وغير المتهرب سيُطحن؛ فزيادة في المعدل الضريبي وانخفاض في الإعفاء الشخصي؛ ضريبة على المزروعات وأخرى على التوزيعات، مصاريف طبية غير مقبولة وتعديلات ضريبية مبتورة، نفقات عائلية غير موجودة وتعديلات قانونية مجزوءة، تكاليف تصاعدية ومعدلات ضريبية تشاركية؛ وما بين حصة الربع وملامسة النصف في شراكة ضريبية لإيراد ابناء الوطن ومؤسساته، شركاته ومنظماته؛ باتت الأمور مفروضة مرفوضة، مفروضة من الحكومة ومرفوضة من المواطن !
الم تدرك الحكومات المتعاقبة على ان الشخص الطبيعي (المواطن) او المعنوي (الشركات) لم يكن في يوم من الأيام سبباً رئيسياً في التهرب الضريبي؛ وأن خطط المكافحة والمواجهة، المعاقبة والمحاسبة، المعاتبة والمعاركة لم ولن تؤدي إلا لزيادة التهرب الضريبي، وأن السبب الرئيسي للتهرب الضريبي او حتى التعنت الضريبي يكمن في انخفاض منسوب الوعي الضريبي، وإنعدام الفكر الضريبي القائم على الشفافية والعدالة، الموضوعية والبساطة.
لقد جاءت المادة رقم (4) من قانون ضريبة الدخل واضحة في إعفاء جلالة الملك من الضريبة، ولم يرد أي نص قانوني يُعفي بعض كبار المسؤولين أو بعض المتنفذين من دفع الضرائب المستحقة عليهم، وبغياب العدالة تزيد الإستطالة على القانون، وبإنخفاض الدقة في تحديد المتهرب تقل الثقة في السبب والمسبب !
لقد أُرهق الوطن والمواطن من كثرة التعديلات الضريبية، وبات الحديث عن التهرب الضريبي مضجراً، وإتهام المواطن ومؤسساته بالتقصير متزايداً، فبات واقع المواطن مبكياً، وعلاقة أبناءه بحكومته محزناً، وتغيير تشريعاته وقوانينه مؤرقاً.
ما يحتاجه المواطن والوطن، المستثمر والمستفسر؛ قوانين ضريبية عادلة غير هادمة، مشجعة لا منفره، تجعل من المواطن شريكاً في فرض الضريبة لا طريداً في دفع الضريبة؛ قوانين تحقق الشفافية والموضوعية وتجعل من إبن الوزير شقيقاً لإبن الفقير في معادلة وطنية محكمة أساسها العمل والأمل؛ قوانين تشجع على الإستثمار والإزدهار لا الإنكسار والدمار؛ قوانين تسمح لصغار المستثمرين بزيادة أعمالهم لا إغلاق أبوابهم.