أتخذت الحكومة قرارا بأنه سيتم طرد الموظف الذي يحصل على تقييم ضعيف لمدة عامين، إجراء سليم لدرجة كبيرة، ولكنه يحتاج إلى آليات تضمن تطبيقه بشكل سليم، وابتعاد المزاجية وشخصنة الأمور عن التقييم، على الرغم من أن المورد البشري الأردني يشار إليه بالبنان، فهناك عدد كبير من أبناء الوطن الذين تميزوا بأعمالهم في دول الاغتراب، بشكل متكرر ويومي تقريباً نسمع عن إنجاز شاب أردني في دول الاغتراب وعن تكريم آخر لابداعه بالعمل، والسؤال الذي يجب أن يطرح، لماذا ينجز ويبدع هناك وهنا يحتاج إلى تقييم ثم إلى طرد؟
أعتقد إذا استطاعت الحكومة الإجابة عن هذا السؤال او الاستفسار فأنه بإمكانها بعد ذلك أن تحفز وتنمي قدرة موظفيها بدون التهديد بالطرد، على الرغم من أن طرد الذي لاينجز ويعطل العمل العام إيجابي للغاية، ولكن لأبد من تحقيق وتوفير الظروف التي تساعده على العمل والإنجاز.
وحتى ينجح الإصلاح، فإننا نحتاج ايضاً إلى حسن الأختيار لمسؤولي الصف الأول سواء كانوا وزراء أو أمناء عامين، لان ذلك يؤثر حتماً وبشكل مباشر على إنتاجية الموظف الأقل رتبة وظيفية، العرب قالوا الفرس من الفارس.
عند الحديث عن الإصلاح فأن الصراحة والمكاشفة هي الأساس، وترك المجاملة جانباً لاننا نتحدث عن مصلحة وطن، فعندما يتم احياناً تعيين شخص بمنصب في الصف الأول وهو غير مؤهل وقد يحتاج إلى تأهيل وتدريب حتى يفهم أساسيات المنصب الذي تم تعيينه به، هذا حتماً سيؤثر على اداء الموظف الأقل رتبة عندما يشعر أنه مؤهل أكثر من رئيسه!
هناك عامل قوي يؤثر احياناً في التعيينات في المناصب العليا وهو النظام الأبوي، وهو أن تقوم واسطة من العيار الثقيل بالتوصية بتعيين شخص في منصب حساس وزير أو أمين عام، وهو ربما لايصلح، ويتم حمايته حتى أن لم ينجز! هذا من الناحية العملية يترك أثر كارثي على المدى المتوسط والبعيد، ويخسرنا انتاجية الموظف الحكومي.
ولو كانت تعيينات الحكومات سليمة للصف الأول، لما وصلنا إلى هذه المرحلة من الترهل وعدم الإنجاز، والتراجع الاقتصادي، وارجو أن لايكون الموظف الحكومي هو سبب مشاكلنا!، العملية بالاساس تكاملية.
فمثلا اذا قام احد المسؤولين بالصف الاول بترك عمله وبدل البحث عن انجاز، ينادي موظف ويبلغه بانه لايخاف وانه من محافظة كذا!! هذا المسؤول كيف سيقوم بعملية التقييم؟ أو كيف تم تعيينه؟!
ومن الممكن أن نشهد أنه قد يطرد شخص أو تنهى خدماته من القطاع الخاص من شركة او بنك أو مؤسسسة معينة لعدم الكفاءة، ثم يتم تعيينة بمنصب حساس، ومن ثم نطلب من الموظفين الأقل رتبة الإنجاز!
إيقاف تأثيرات النظام الأبوي حتماً سيترك اثاراً إيجابية على أداء المؤسسات العامة.
عيب أن نتحدث عن نقص كفاءات لبلد يزخر باصحاب الهمم، عيب أن نتحدث عن وزارات إنجازها يعانق الصفر بعناء ومشقة، والركض خلف إنجازات وهيئات وهمية والتصريحات الأعلامية لمشروع أو صفقة ربما خارج اختصاصه! هذا يعطي مؤشر لحجم الفشل الذي نعاني منه!
ولاننكر بأنه لدينا بعض المسؤولين من أبدع في إدارته لوزارته، وحقق انجازات رائعة، وخلق نوع من التغيير الايجابي وهذا المطلوب.
لا أحد ينكر أهمية التقييم لموظفي القطاع العام، والعمل على تحسين أدائهم وزيادة إنتاجيتهم وهذا يجب أن يكون على كافة المستويات، وليس محصوراً بالموظف الصغير.
تعيين شخص غير كفؤ بالمناصب العليا اليوم يخسر الاقتصاد الوطني الكثير، وفشله يعني مزيداً من الضرائب والرسوم، إي أن تعيين اليوم يعني ضرائب الغد.
قائد السفينة الماهر يستطيع أن يبحر بسفينته إلى بر الأمان رغم تلاطم الأمواج وارتفاعها، والربان الضعيف لايستطيع أن يبحر حتى والأمواج ساكنه.