"إهمال الموهوبين": تربية الطفيلة أنموذجا!
جهاد المحيسن
19-04-2009 08:51 PM
يشكل الموهوبون نسبة تتراوح ما بين 2-3% من إجمالي السكان، كما تدل على ذلك احصائيات حديثة. والموهوبون والمبدعون هم الفئة التي تعتمد عليها الشعوب والأمم في النهضة الحضارية، ومنها التقدم العلمي والتقني، بالإضافة إلى الإبداع الثقافي والفني وتطبيق الأفكار المفيدة لتقدم الأمم.
على ذلك الأساس يتم تبنيهم ورعايتهم، ولكن هل يحدث ذلك فعلا في مدارسنا وجامعاتنا! يبدو أن ما جرى في مديرية التربية والتعليم في محافظة الطفيلة خلاف ذلك، فنتيجة التقصير الرسمي ضاعت فرصة مشاركة أحد الطلبة من أبناء المحافظة والمرشح الوحيد للمشاركة بدورة عالمية للطلاب تعقد في بريطانيا لمدة 10 أيام.
فقد تم إخبار الطالب قبول ترشحه للدورة في بريطانيا يوم الثلاثاء 14 نيسان، ولم يبلغ الطالب بأن الموعد النهائي لتقديم الطلب إلا يوم الأربعاء -بعد يوم من إبلاغ الطالب بقبوله الترشح– ليسلم الطلب الخميس، وتشترط المشاركة تسليم تقرير باللغة الانجليزية مكون من 900- 1100 كلمة.
فضاع الطالب بين المدرسة والمديرية، وهو يحاول معرفة التفاصيل، لكن من دون جدوى ليأتي رفض الطلب الخميس بحجة التأخر في تقديم النموذج، مع العلم بوجود ملاحظة في أسفل الطلب ترفض استقبال أي طلب ترشيح بعد الفترة المحددة رغم أن الطلبات موجودة منذ فترة بحوزة مديرية التربية!
ما حدث يضعنا في طور التساؤل الحقيقي عن أهلية مدارس وجامعات تعطي الطالب الفرصة للتعبير عن أفكاره العلمية وعن إبداعه وموهبته. فإذا أثبت الطالب أنه موهوب ومبدع، فلا شك أن قرار توظيف موهبته وإبداعه هو مسؤولية الدولة في الدرجة الأولى، وليس مسؤولية التربية والتعليم فقط.
العملية التعليمية، في جوانبها المختلفة، تعاني من عدد من المعوّقات التي تحول بينها وبين تحقيق أهدافها. وتقتضي النظرة الموضوعية إلى هذه القضية، الاعتراف باستمرار المظاهر السلبية في بعض جوانبها، مثلا: الدروس الخصوصية، وارتفاع كثافة الطلاب في الصفوف، والمركزية الشديدة في إعداد وتطوير المناهج بمعزل عن المدرسة والمعلّم.
ولا تقتصر المعوقات على المنهج، من دون طرق التدريس، ودور المعلم، والتقويم التربوي، فكل جانب منها يعاني مشكلات ومعضلات؛ فطرق التدريس ما تزال تعتمد في معظم المدارس على التلقين والحفظ والاسترجاع، بعيداً عن التطبيق والتجريب، ومن ثم فهي لا تؤهل الطلاب للحوار والمناقشة والتفكير وإبداء الرأي التي تؤدي إلى الإبداع ؛ فضلاً عن وجود علاقة إجبار من قِبَل المعلم وإذعان من جانب الطالب، كما أن بعض المعلمين ليسوا مؤهلين بدرجة كافية قبل الخدمة أو أثناءها، ولا يشاركون في جهود التطوير.
ويمتد الحديث إلى آخر جوانب العملية التعليمية، وهو عملية التقويم التربوي، فإن هذا التقويم ما يزال مقتصراً على الجانب المعرفي من دون مراعاة لقدرات التفكير الذاتي لدى الطلاب ومدى تحديهم للمشكلات، كما أن أسلوب التقويم المتمثل غالباً في الامتحانات يركز بدرجة قصوى على ما تم استيعابه من دون محاولة الكشف عن قدرات وإمكانات ثقافية مكتسبة.
لهذه الأسباب وغيرها، غاب الموهوبون والمبدعون، وأعطى الطلبة كل اهتمامهم لإنهاء المراحل التعليمية كيفما اتفق، من دون النظر إلى المستقبل وما يجب أن يكونوا عليه من ثقافة وإدراك لما حولهم، ليصبحوا جيلاً فاعلاً في مسار التنمية وتعزيزها.
بالرغم من تلك العوائق الكبيرة، إلا أن طلبتنا يوجد بينهم الموهوبون، الذين يستحقون الرعاية والتقدير رغم كل الصعوبات التي تحيط بهم، فهل سيتم بحث ما جرى في مديرية تربية الطفيلة ومناقشته على نطاق أوسع لمعرفة مواطن الخلل، لكي لا نقتل مواهب طلبتنا ونجعلهم عرضة لعدم الاهتمام وبالتالي نقتل إبداعاتهم ومواهبهم؟
Jihad.almheisen@alghad.jo
جهاد المحيسن