تحدثنا بالأمس عن الجزء الأول من الأربعين الخلدونية، وتاليا الجزء الثاني والأخير من هذه الدرر التي تستحق أن تكون نبراسا لنا في تشخيص حال الأمة، وطريق خلاصها مما هي فيه من انهيار حضاري واقتصادي وسياسي وتخاذل أمام أعدائها..
21. إنَّ أيّام الأمنِ وأيام الرَّغد تمضي سريعاً، وأيّام الجوعِ وأيّام الحروبِ والفتن تكونطويلة.
22. كلّ أمر تُحمل عليه الكافة فلا بُد له منالعصبية (القبيلة والنصرة) ففي الحديث مابعث الله نبياً إلا في مَنَعة من قومه.
23. إذا رأيت الدول تنقص من أطرافها، وحكّامها يكنزون الأموال فدقّ ناقوس الخطر .
24. إذا تأذّن الله بانقراض الملك من أمّة حملهم على ارتكاب المذمومات وانتحال الرذائل وسلوك طريقها، وهذا ما حدث فيالأندلس وأدّى فيما أدّى إلى ضياعه.
25. الحاكم الظالم يظهر له الشعب الولاء ويبطن له الكره والبغضاء، فإذا نزلت به نازلة أسلموه ولا يبالون.
26. الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها.
27. حينما ينعم الحاكم بالترف والنعمة، تلكالأمور تستقطب له ثلة من المرتزقين والوصوليين يحجبونه عن الشعب، فيوصلون له من الأخبار أكذبها.
28. أهل البداوة أقرب إلى الشجاعة من أهل الحضر، والسبب في ذلك أن أهل الحضر ألقوا جنوبهم على مهاد الراحة والدعة وانغمسوا في النعيم والترف ووكلوا أمرهم في المدافعة عن أموالهم وأنفسهم إلى واليهم .
29. عندما تنهار الدول يكثر المنجّمون والأفّاكون والمتفيهقون والانتهازيون وتعمّالإشاعة وتطول المناظرات وتقصر البصيرة ويتشوّش الفكر.
30. الدولة إذا دخلت في سنّ اليأس لا تعودلشبابها أبداً ولو حاول حكامها التغيير، فلكلّ زمان دولة ورجال.
31. قد يحصل أنّ الدولة تأخذ بمظاهر القوة والبطش لكنّها إفاقة قريبة الخمود، أشبه بالسراج عند انتهاء الزيت منه، فإنّه يتوهّج لكن سرعان ما ينطفئ.
32. النَّاسُ في السَّكينةِ سَواء، فإن جَاءتِ المِحَنُ تَبايَنُوا .
33. المغلوب مولع بمحاكاة الغالب، لأنّ الهزيمة توحي إليه أنّ مشابهة الغالب قوّة يدفع بها مهانة الضعف الذي جنى عليه.
34. سبب العصبية القبلية بأن الحضارات الأخرى تصعب عليها مخالطة الأعراب بسبب البيئة القاسية التي يعيشونها فجعلهم ذلك منعزلين.
35. الظفر في الحروب إنما يقع بأمور نفسانية وهمية، وإن كان السلاح والقتال كفيلاً به، لذلك كان الخداع من أنفع ما يستعمل فيالحرب ويُظفر به.
36. الصراعات السياسية لا بدّ لها من نزعة قبليّة أو دينية، لكي يُحفّز قادتها أتباعهم علىالقتال والموت، فيتخيّلون أنّهم يموتون من أجلها.
37. المُلك إذا كان قاهراً باطشاً منقّباً عن عورات الناس وتعديد ذنوبهم شملهم الخوف والذل، وربّما خذلوه في مواطن الحروب.
38. إنّ تنظيم الحياة الاجتماعية وتصريف أمور الملك يتطلّب الرجوع إلى قوانين سياسية مفروضة يسلمها الكافة وينقادون إلىأحكامها.
39. المناخ البارد والمعتدل يؤثّر في الناس فيُولد فيهم حبّاً للعمل والنشاط وإقبالاً جميلاً على الحياة وأمزجة صافية.
40. للبقاع تأثير على الطباع، فكلما كانت البقعة من الأرض نديّة مزهرة أثّرت على طبع ساكنيها بالرقّة.
الدستور