أخبرني ديبلوماسي إماراتي عن العلاقات التاريخية المتميزة التي تجمعنا بالإمارات، قائلا:
«قد يجهل كثيرون حقيقة تجذر العلاقات الإماراتية الأردنية بين قيادتي البلدين، فهي موجودة منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي، أي ما قبل 2 كانون الثاني 1971، وهو تاريخ اعلان الدستور الاتحادي الحالي لدولة الامارات، الذي يعتبر يوما وطنيا لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أقامت الأردن علاقاتها الديبلوماسية على مستوى السفراء في اليوم التالي، فكانت بذلك أول دولة تعترف بالامارات العربية المتحدة وتقيم علاقات معها»..
وبعيدا عن السياسة، بل من عمقها إن رغبنا بحديث منطقي، يمكننا القول بأنه ثمة لدى الشباب العربي اليوم حلم بالعيش في بلاد عربية، وليست بلاد أجنبية كما كنا نعرف عن أحلام العرب وشبابهم سابقا، ومهما استدعينا من الحذر في الحديث عن سياسات الدول العربية الشقيقة، فإن في الحديث حقيقة تقع في سلم اولويات واهتمامات السياسة الناجحة، اعتمادا على تعريف السياسة الأكثر تداولا وهو أنها «فن تحصيل الممكن»، وهنا تتجلى قصة نجاح سياسة الإمارات العربية المتحدة في تحصيلها لأفضل الممكن بالنسبة لشعبها أولا ثم للعالم العربي، حتى غدت حلما للشباب العربي المقبل على بناء مستقبل أفضل، في جو من القانون والحرية والمردود الأنسب من وراء أي عمل يقوم به لبناء حياته الشخصية.
نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء فيها، حاكم دبي، الشخصية التي نشعر بها كأردنيين بأنها من أقرب الشخصيات السياسية العربية لنا، الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم صرح أمس، مبينا أن الإمارات كانت وستبقى بلدا للجميع، وأشار بأنه وللعام السابع على التوالي، تتصدر الامارات قائمة الدول المفضلة للعيش وبناء المستقبل، وكانت تصريحات الشيخ آل مكتوم مبنية على نتائج استطلاع يتقصى رأي الشباب العربي، تعده «بيرسون مارستيلر» في 16 بلد عربي، وتجريه سنويا على امتداد السنوات العشر الماضيات، احتلت الامارات صدارته في الأعوام السبعة الأخيرة، وأجزم بأنها ستحتلها الى عشرات وربما مئات السنين القادمة، بناء على المعطيات التي نعرفها ويعرفها العرب جميعا، والعالم، فدبي وأبوظبي وسائر الإمارات العربية المتحدة، وفعالياتها الاقتصادية والثقافية أصبحت مفتاحا ثقافيا واقتصاديا لدى كل الجهات الدولية التي تضخ المعرفة في هذا المجال، أو تسعى لتدشين عمل حضاري عالمي..
هذه الدولة العربية الفتية استقرت تماما في ذهنية العالم، وفي ذهنية الاستراتيجيين العالميين في المجالين الاقتصادي والثقافي على وجه التحديد، ولو قمنا باستطلاع للشباب الأوروبي أو الأمريكي أو الهندي أو الصيني أو الروسي بالأسئلة ذاتها التي وردت في استطلاع "بيرسون مارستيلر"، لوجدنا الإمارات في مرتبة متقدمة بين دول العالم، كبلد يصلح لتحقيق الأحلام بالنسبة لشباب تلك البلدان والثقافات المتمايزة، التي كانت الى وقت قريب لا تعرف عن العرب سوى أنهم سكان صحراء يسكنون الخيام والكهوف ..الخ التفاصيل المغلوطة، في تلك الصورة السوداوية عن العرب وبلدانهم،
لكن الإمارات قدمت نموذجا فريدا، يحق لنا أن نتحدث عنه ونعتز بأنه جمّل وجه العرب وأوضح حقيقة تفردهم بين الشعوب.
وفي سياق ذي علاقة بالعيش الأفضل، أفادت نتائج الاستطلاع المذكور، بأن شركة الأبحاث "بي إس بي ريسيرتش"، قد أجرت 3500 مقابلة شخصية خلال الفترة بين 21 كانون الثاني و20 شباط 2018، مع شباب عرب أعمارهم بين 18 و24 عاما، وتم إجراء هذه المقابلات باللغتين العربية والإنجليزية، أجاب ما نسبته 58% منهم يقينا بأن تنظيم ›››داعش››› الإرهابي قد تمت هزيمته، ويقول 78% منهم:
إن التنظيم أصبح أضعف خلال العام الماضي، وهاتان من الإشارات المهمة للاستدلال على وجهة نظر الشباب الذين يطمحون لمستقبل أفضل، معزز بسيادة قانونية وفكرية وثقافية منفتحة، بعيدة عن التطرف والظلام، ومعها وفيها يتحقق الحلم المشروع بحياة أجمل وأبعد عن التعقيد، فهي بالتالي إشارات عن اتساع الأفق الاماراتي في توفير البيئة الأنسب للشاب الإنسان.
الحلم العربي الاماراتي حقيقة، وأصبح مطلبا عالميا للشباب، بعد أن سيطر الحلم الأمريكي على أذهانهم عقودا، فهل هذا يكفينا لاعتبار الاتحاد الإماراتي نموذجا ملهما للعرب؟! ..لدينا تجربة عربية حية ملهمة فلماذا ما زلنا ندور في أفلاك لا تنتهي ولا تتمخض عن شيء سوى مزيد من اللاجدوى؟!.
افتحوا عيونكم وعقولكم على التجربة الاماراتية لأنها كلمة سر لقصة عالمية من النجاح العربي.
ibqaisi@gmail.com
الدستور