على غرار الأربعين النووية، الأحاديث النبوية التي جمعها الإمام النووي، جمع أحدهم الأربعين الخلدونية، وهي أربعون خلاصة أو مبدأ اعتصرت من مقدمة ابن خلدون، مؤسس علم الاجتماع، نلوذ بها اليوم، ليس هربا مما نعانيه من أحداث جسام، بل لفهم ما يجري بنا وحولنا، بعد أن يلغنا مرحلة متقدمة من المرض، أفرادا ومجتمعات، ففيها وصف دقيق لطريق الخلاص، إن كان ثمة من يهتم، وسأعرض اليوم نصفها، على أن ننشر غدا النصف الثاني، بمعونة الله..
1. إنّ القبيلة إذا قوي سلطانها ضعف سلطان الدولة، وإذا قوي سلطان الدولة ضعف سلطان القبيلة.
2. الاستبداد يقلب موازين الأخلاق، فيجعل من الفضائل رذائل، ومن الرذائل فضائل .
3. الظلم مخرّب للعمران، وإنّ عائدة الخراب في العمران على الدولة بالفساد والانتقاض.
4. دخول الحكام والأمراء للسوق والتجارة والفلاحة مضرّة عاجلة للرعايا وفساد للجباية ونقص للعمارة.
5. السيف والقلم أداة بيد الحاكم يستعين بهما على أمره والحاجة إلى السيف في نشأة الدولة وهرمها أكثر من الحاجة للقلم.
6. الُملك بالجند، والجند بالمال، والمال بالخراج، والخراج بالعمارة، والعمارة بالعدل، والعدل بإصلاح العمّال، وإصلاح العمّال باستقامة الوزراء.
7. الهوية القبلية المبنية على البداوة تعرقل استقرار الدولة.
8. إذا خشي الناس أن يسلب الظلم حقوقهم أحبّوا العدل وتغنّوا بفضائله، فإذا أمنوا وكانت لهم القوّة التي يظلمون بها تركوا العدل.
9. الخوف يُحي النزعات القبلية والمناطقية والطائفية، والأمن والعدل يلغيها.
10. إن الرخاء والازدهار والأمن تساهم في الحدّ من العصبية، بينما الحروب والخوف والفقر (البطالة) تعزّز من العصبية.
11. إذا زال العدل انهارت العمارة وتوقف الإنتاج، فافتقر الناس واستمرّت سلسلة التساقط حتى زوال الملك.
12. العدل إذا دام عمّر، والظلم إذا دام دمّر.
13. لا تستقيم رعيّة في حالة كفر أو إيمان بلا عدل قائم أو ترتيب للأمور يشبه العدل .
14. السلطان والأمراء لا يتركون غنيّاً في البلاد إلا وزاحموه في ماله وأملاكه، مستظلّين بحكم سلطاني جائر من صنعتهم.
15. كلما فقد الناس ثقتهم بالقضاء تزداد حالة الفوضى، وهي أولى علامات الإصلاح، فالقضاء هو عقل الشعب ومتى فقدوه فقدوا عقولهم.
16. إذا عمّ الفساد في الدولة فإنّ أولى مراحل الإصلاح في الدولة هي الفوضى.
17. الظلم لا يقع إلا من أهل القدرة والسلطان .
18. من أهمّ شروط العمران سدّ حاجة العيش والأمن {أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}.
19. غاية العمران هي الحضارة والترف، وإنه إذا بلغ غايته انقلب إلى الفساد وأخذ في الهرم، كالأعمار الطبيعية للحيوانات.
20. انتشار الفساد يدفع بعامّة الشعب إلى مهاوي الفقر والعجز عن تأمين مقتضيات العيش، وبداية لشرخ يؤدّي إلى انهيار الدولة .
هذا هو الجزء الأول من ألأربعين، وفيها تشخيص فذ ووصفات للخلاص، والإصلاح، يلزم أن تدرس في جميع مراحل التعليم في بلاد العرب!
وإلى الجزء الثاني غدا، إن شاء الله.
الدستور