لو كان الشكر في غير مكانه من شيم الزميل المتميز والجريء غسان بن جدو لوجب عليه أن يقدمه للسلطات الأردنية التي أفتت بحجز ومنع بث حواره المسجل مع ولي عهد الأردن السابق الأمير حسن. فهذه الحلقة من حوار مفتوح كانت دون شك من مساحات البث التلفزيوني الحي التي وجدت أكبر نسبة مشاهدة علي امتداد الوطن العربي. وذلك بعد أن تمكنت قناة الجزيرة من تقديم الإعلان الناجح والمشوق لهذه الحلقة التي غاب عنها الضيف موضوع الحدث وبقيت بعض من أقواله وآرائه التي حفظها غسان بن جدو وأوردها مكتوبة علي الشاشة.
غسان بن جدو أراد لحلقته أن تناقش قضية المنع وما تحمله من دلالات في تقييد حريات الصحافة في الوطن العربي وفي الأردن تحديداً، فكان رئيس تحرير جريدة القدس العربي عبد الباري عطوان خير معين له وهو المهاجر إلي لندن بحثاً عن الفضاء الأرحب للصحافة. وفي هذا اللقاء قال عطوان ما يمكن أن يختصر المشهد كاملاً إذا كان الأمير حسن غير قادر علي التعبير فمن سيعبر ؟
وكان لعطوان وبن جدو أن حاصرا بسهولة ويسر الرأي الأردني الرسمي الذي مثله الناطق بإسم الحكومة ناصر الجودة الذي لم يحسن الرد المباشر علي أي سؤال تم توجيهه له وكان في كافة لحظات حضوره ضعيفاً وغير مقنع. وكان من الطريف جداً أن يكون هذا الناطق بمنأي عن مشاهدة الشريط موضوع الحلقة. ومع ذلك لم يطرح عليه السؤال الأهم عن ماذا جئت تدافع؟ فلا يكفي مثلاً أن تكون حجته كناطق رسمي القضية ليست في كلام الأمير بل في السياق الذي سيستخدم به هذا الكلام وكأني به يعمل لمحاكمة النوايا وليس إلا.
لم تعرض المقابلة مع الأمير حسن، ويبدو أن مصيرها كان الإعدام، لكن ما وصلنا منها يكفي، فهو علي قلته أضاء بعضاً من خارطة الطريق التي يسير عليها الوطن العربي من العراق إلي فلسطين ومن ثم لبنان.
من المؤكد أن الجزيرة ربحت بعدم بث الحوار أكثر مما كانت ستربحه في بثه رغم أهمية المضمون الذي وصلنا بعضه.
عن القدس العربي