الاتفاق النووي الإيراني والقرار المرتقب
د. ماهر عربيات
08-05-2018 10:10 AM
بدأ العد التنازلي لموعد اعلان واشنطن عن موقفها النهائي من الاتفاق النووي مع إيران. ساعات قليلة ويتضح قرار ترمب بشأن البقاء أو الانسحاب من الاتفاق، فيما بدأت طهران تترقب القرار الأمريكي بشأن الانسحاب المحتمل.
سيناريوهات كثيرة وغموض كبير يلف الاتفاق النووي، وسط نوايا أمريكية غربية لتغييره أو التعديل عليه، الأمر الذي ترفضه طهران قطعيا، وتلوح بالعودة الى تخصيب اليورانيوم في حال قررت واشنطن وعواصم اوروبية الانسحاب منه.
الرئيس الأمريكي ترمب الذي كشف منذ توليه سدة الحكم في البيت الأبيض عن عدم رضاه عن الاتفاق، عاد من جديد لينعته بالكارثي ويصفه بأسوأ صفقة في التاريخ، فيما يفهم على أنه مؤشرات انسحابية، لم يخفها الرئيس الفرنسي ماكرون عقب زيارته لواشنطن لبحث عدد من الملفات أبرزها الاتفاق النووي الايراني، وفي جعبته طرح جديد حول الموضوع بحثه مع ترمب تحت الطاولة، ولم تصدر بخصوصه أي تصريحات حتى اللحظة.
وايران التي وصفت واشنطن سلوكها في الشرق الأوسط بالمستفز، تحاول أن تكون ندا للولايات المتحدة في هذا الخصوص، فقد أكدت أنها لن تقبل أي تغيير في الاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى، وحذرت بأن أي انسحاب سيقابله انسحاب مماثل من طرفها.
يأتي هذا في وقت سارعت فيه دول غربية وقعت على الاتفاق لطرح عدة مقترحات تهدف الى اقناع ترمب بعدم التخلي عن الاتفاق، أو ربما صياغة اتفاق جديد أكثر شمولية، يمكن أن يعالج مكمن الخلل في الاتفاق الحالي، في حين تقف روسيا الى جانب ايران وتحذر من أي تعديل أو تغيير في الاتفاق الذي سيعلن ترمب قراره النهائي بخصوصه بعد أيام قليلة.
يبدو أن الرئيس الأميريكي ينوي فعلا الانسحاب من الاتفاق النووي إن لم تلتزم ايران بالشروط التي يطلبها، في حين تصر الأخيرة على رفضها، مما قد يفتح الآفاق على كل الاحتمالات، بما في ذلك عدوان عسكري اميريكي اسرائيلي قد يلهب كامل المنطقة، ويطلق فيها حروب مباشرة أو بالوكالة في جبهات متعددة.
ترمب لا يحفل بمواقف الدول الموقعة على الاتفاق النووي، ولا بموقف الأميريكيين المؤيدين لهذا الاتفاق، لا سيما بعد تصريحات اسرائيل الجديدة التي تقول بأنها تملك أدلة كافية حول تطوير ايران سرا لبرنامجها النووي، تصريحات جاء توقيتها في أعقاب زيارة وزير الخارجية الأمريكي الى تل أبيب، وقبيل القرار الأميريكي المنتظر بشأن الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني. اعتبرتها طهران مثيرة للسخرية وتهدف الى التأثير على قرار ترمب المرتقب.
التصعيد الإعلامي الاسرائيلي ضد طهران أصبح ظاهرا للعيان، اما المفارقة فتبدو بين الموقفين الأميريكي والأوروبي تجاه اعلان نتانياهو، فواشنطن ترى أن الوثائق التي كشف عنها رئيس وزراء اسرائيل واضحة وصحيحة، بينما ردود الفعل الأوروبية فكانت أكثر تحفظا، وأضعفت المحاولات الاسرائيلية الرامية للحشد ضد طهران.
ليس بالأمر الجديد أن تتراشق ايران واسرائيل التصريحات بالتصعيد لمواجهة عسكرية، بيد أن واقع الظرف الراهن وما يواكبه وما قد يعقبه من تطورات عسكرية مختلف تماما، بل يبدو أكثر جدية، وأشد جسامة وخطورة على منطقة باتت الصراعات فيها تفرخ صراعات.