في ظل النقلة الإعلامية النوعية الذي شهدها الأردن في السنوات الماضية ، ومع بروز العديد من الإذاعات الأردنية الخاصة التي اتخذت لنفسها خطا إعلاميا جديداً تتميز به ببرامجها وتحليلاتها بغية في المساهمة الإيجابية في تطوير الإعلام الأردني النوعي ، واستقطاباً للعديد من المستمعين غاية في الكسب الجماهيري ، ومن تلك البرامج .. برامج البث المباشر الصباحية اليومية المعروفة ، التي تقلد بشكل أو بآخر برنامج البث المباشر اليومي الذي استحوذ لفترة زمنية طويلة على اهتمام المواطنين والذي ما زالت تبثه الإذاعة الأردنية الرسمية ، فمن منا لا يستمع وبشكل يومي إلى فقراته التي تخاطب الجميع بلغة إعلامية واضحة ومفهومة وتحاكي كل فئات مجتمعنا بروح عالية من الجرأة والموضوعية .

تعودنا ان نقلب يوميا تلك الاذاعات لنستمع الى هدير برامج إذاعية صارت رائجة ، يقلد بعضها بعضاً في المضمون والجوهر ، مع اختلافات طفيفة في الشكل والأغاني (أو الأناشيد كما يسميها آخرون) ، لغاية إعطاء الصبغة العامة لسياسة المحطة ومالكيها والفئة المستهدفة ، حيث ان مواطنٌ يتصل بالمذيع ليقدم مَظلمته ، والأخير يتصرف بطريقته الخاصة ليحلّ المعضلة وفق اجتهاده الشخصيّ ، لينافسوا بذلك فيروز على ما تبقى لها من حصة في بدايات نهارنا.

ما يثير حفيظتي ان بعض المواطنين وعبر تلك الاذاعات يُـضحي يتسوّل حقوقه الخدميّة والمطلبية من خلال هاتف نقال ، أو “يشحد” أرزاقه ومكتسباته عبر الأثير ، ويتوّسل مساعدة من بعض الموظفين المهملين او المتقاعسين في واجباتهم ، أو حتى أن يشكو تقصيراً صدر عن مسؤولين ومؤسسات خدمية معروفة ، ومن جانب آخر .. أصبحنا نشكر الآخرين منهم على واجبهم الذي يقبضون ثمنه في آخر الشهر ، ونحن المواطنون وان اختلفنا في مفاهيم المواطنة والمساواة فاننا نتحدّ كالأخوة في دفع الضرائب والرسوم للجباة ، ولكن .. دعوني فيما سبق اقول : ليس بعزيز نفس ذاك الذي اعتاد على ثرثرة النفاق ومُـعلــّـقـات التملق وعبارات التزلــّـف والدّجل الإجتماعي والرقص على موسيقى الكذب التي تصدح بها الأسطوانات المشروخة لترقص على معاناة المواطن في اي امر خدمي هو من حقه ، وتسويق ذلك كله ليعد ذلاً مبطنٌاً ومتفقٌاً عليه يتناوله المواطنون وجبة قبل فطورهم ، ويتجرعون كأس الإهانة للنفس البشرية وإنسانيتها قبل فنجان قهوتهم.

ان مذيعي تلك البرامج يجب عليهم امتلاك الخبرة الكافية التي تمكنهم من إدارة برنامجهم بأسلوب هادئ محسنين السيطرة على الأمور ، ومعاملين المستمعين وكأنهم حاضرين أمامهم ، ومقاطعين المتحدث بأسلوب حضاري راقٍ ، دون اجترار عاطفته ، فقد يكون لأسلوب المخاطبة الهادئ فعل السحر على كل متصل غاضب ، فتجد ذلك المتصل مجبراً على أن يهدئ من غضبه كي يتوازى مع نبرة صوته وهذه المَلَكة أو الميزة لا يجيدها أي شخص ، بل يجب ان يستحوذ ذلك المذيع بإطلالته الصوتية على شجون الجميع ، خاصة عندما يمتاز بسرعة البديهة والإجابات المنطقية على الكثير من الاستفسارات ، لا بل ومدافعا جيد عن القضايا التي تهم المواطن ، ولا يتحرج من الوقوف أمام المسؤولين إن كانوا على خطأ ، ومنصفاً لهم إن كانوا على صواب وما يأخذ على خاطره ، وكذلك الابتعاد عن طرح بعض القضايا العامة ممن تحتاج إلى نقاشات مطولة والتي ليس مكانها في برنامجه ، بل ويجب نقل تلك القضايا والمواضيع ونقاشاتها إلى برامج حوارية خاصة تهم وتعنى الوطن والمواطن .

إننا ونحن نتحدث في هذا الموضوع لا نقصد التشهير ولا هدفنا الوقوف في وجه أي برنامج إذاعي يسعى إلى خدمة الناس فما يهمنا دوما القضايا التي تهم المواطن والتي تجذبه وتجعله مصغيا جيدا لبرامج تلك الإذاعة أو غيرها ، ولا نريد أن نشعر أن برامج تلك المحطة خاصة بالاتصالات وبث المسجات غايتها الكسب المادي على حساب المواطنين ، ولا تجد أي غضاضة في عرض كثير من الأمور الحياتية الملامسة لواقع كل مواطن والتي تناغش عقل وفكر الكثيرين منهم دون تحديد .

فلنحمد الله عز وجل فمجال الحرية الإعلامية في الأردن غايه في الشفافية والمصداقية والتطور وبشكل واضح مقارنةً بغيرنا من الدول العربية الأخرى ، فلنعزز كل ما هو ايجابي ولا نبحث في الشكاوي فقط التي تظهر وكأن واقعنا كله مشاكل ، ولا نسمح للبعض بمحاولة استغلال هامش تلك الحرية ، في التقول والافتراء والإدعاء ، بل نعرض و نرصد كل ما هو خير من أي موقع كان ، ونعزز ثقتنا بذوي الشأن كل في موقعة ولنعيد ثقة المواطن بجميع الأجهزة الخدمية التي تمتاز بالجدية والعمل الدءوب والمخلص خدمة للأردن والأردنيين .