بعد الاعلان عن اكتشاف خلايا ارهابية في مصر ، تابعة لحزب الله اللبناني ، وبعد الخطاب غير الموفق الذي القاه السيد حسن نصرالله ، امين عام الحزب ، محاولا فيه تبرير وجود هذه الخلية ، بدورها في تقديم الدعم لحماس في غزة ، انبرت قوى مصرية معارضة ، ليس لتستل سكاكينها ضد النظام والتشهير به وهي لا تحتاج للمبررات ، فاتفاقية السلام مع اسرائيل ترفضها هذه القوى ، والتأييد لحماس والادانة لاسرائيل ، يسري في عروقها ، ومع ذلك لم تجعل من كل ما مضى وسيلة لاهدار دم "امن مصر الوطني " ، بل لتأكيد ولائها لمصر اولا ، وتأكيدها على أمن مصر ، وعلى رأس هذه القوى المعارضة ، جماعة الاخوان المسلمين المصرية ، والتي برغم كل صراعها مع الحكم ، وبرغم العديد من مواقفها ، ليس المعارضة ، بل التخوينية ، الا انها اختارت في هذه الازمة ، الوقوف الى جانب مصر وأمن مصر وشعبها .
هذا الموقف يؤكد صحة ما يقال ، بان المواطن المصري مهما كانت درجة معارضته للحكم ، فانه يقف مع بلده بالازمات ، التي يبدو فيها تعرض لأمن بلده وشعبه ، أي ان مصر اولا ، فعلا لا قولا .
هذا درس للقوى السياسية الاردنية ، التي كانت تصطف مع قوى سياسية تعرضت لأمن الاردن ، ليس لانها مع زعزعة الامن كما تعلن ، بل بتبريرات لا تصمد امام وضوح المواقف ، هكذا كان حالها ابان الازمة بين الحكومة وحماس قبل حوالي عقد من الزمان ، وهكذا حالها هذه الايام ، والامثلة عديدة على تعاطفها مع قوى او مع احداث تزعزع الامن الوطني الاردني .
يبدو ان انتماء بعض الاردنيين لوطنهم ، تشوبه الشوائب ، فيظن كل وطني انه ان وقف مع بلده وحكومتها في ازمة ما ، طرفها الاخر حليف له بالانتماء السياسي ، فانه بذلك يخون مبادئه ، او يتهم بانه موال لنظام الحكم الذي قد لا يعجبه ، ولا يستطيع التمييز بين معارضته السياسية والغيرة على مصلحة بلده ، او ربما لأن الاردني اصبح قوميا حتى النخاع ، ووطني حتى العظم ، بدل ان يكون العكس هو الصحيح .
لا بد هنا من العودة الى احداث تاريخية لـتاكيد ان قوانا السياسية ، لم تتعظ من التجربة ، هذه الاحداث التاريخية التي لا احب نبشها كما الكثيرون من ابناء شعبنا ، الا بقدر الاستفادة من التجربة ، فعندما كان العمل الفدائي متواجدا في الاردن قبل السبعينات ، كانت القوى الوطنية الاردنية مندمجة ، لا بل مذابة داخل التنظيمات الفدائية السياسية ، ضائعة الهوية ، عديمة الغيرة الوطنية ، ترى الخطأ وتتجاهله ، لا بل تبرره عن غير قناعة ، حتى لا تبدو مرتدة عن مسارها النضالي ، ارتكب العمل الفدائي الكثير من الاخطاء بحق الشعب والجيش ، وبحق سيادة الدولة الاردنية ، ومع ذلك فان هذه القوى السياسية الاردنية المذابة ، استحال اعادة بلورتها وطنيا ، بكل الطرق الفيزيو- سياسية ، واصرت على ضياع الهوية الوطنية ، فداءا للقضايا القومية ، وكان الاجدى بها ان تقف موقف الناقد لحلفائها ، عندما يتطلب الامر ذلك ، كي تمنع الانجراف الى مزيد من الاخطاء ، وفي هذا مصلحة مشتركة للجميع .
m_nasrawin@yahoo.com