أين القوم؟.. حتى النخبة تغيب، ويغيب كثيرون من الذين يمطروننا بالأفكار والاقتراحات في مناسبات بعينها تتناول التعليم المدرسي، وأتمنى أن أكون غير متابع أو متابعا متواضعا لما يجري حول امتحان التوجيهي في العام القادم، لأنني لا أرى شرحا أو توضيحا «يعبي الراس»، ولا اعتراضا على الذي يجري ويكتنفه كل هذا الغموض!.. ولن نتساءل الآن عن جدوى منح طلبة التوجيهي الحاليين إجازة مدتها أكثر من 45 يوما قبل امتحانهم الصيفي، الذي ينطلق في بداية شهر تموز القادم، فالاجازة طويلة جدا بالنسبة لطالب توجيهي.
لكننا سنتحدث بتساؤلات عن امتحان العام القادم، حيث قررت وزارة التربية أن يكون امتحان الثانوية في العام القادم امتحانا واحدا،
وفي آخر تصريحات منسوبة لمصدر في وزارة التربية وهو مدير الامتحانات قوله :
سيكون الامتحان في 7 مواد، وتحسب علامة كل مادة من 200، أي أن المجموع سيكون 1400 علامة، منها يتم احتساب المعدل العام للطالب، وعلى أساس هذا المعدل ينخرط في سباق التنافس لحيازة مقعده الجامعي، وكلها تفاصيل رقمية غير ضرورية إذا ما قورنت بأهميّة وماهيّة تلك المواد الدراسية، وهل تم اعدادها،
وبعبارة أخرى:
هل جرى تعديل على المناهج المطلوبة في الثانوية العامة للعام القادم؟ .. أين هي تلك المناهج؟ ألا يجدر بالوزارة أن تعلن عن هذه المواد وتوفرها للطلبة الذين انخرط بعضهم فعلا في دورات تعليمية، وبدأوا يطالعون المواد الموجودة «القديمة» المتوفرة بين أيديهم؟..لماذا لا يخرج مسؤول من وزارة التربية ويحدثنا عن هذه المناهج، ويبدي رأيه لينير طريق الناس، الذين شرعوا بتسجيل أبنائهم بمراكز تعليم خاصة، وانخرطوا منذ فترة في دورات باللغة الانجليزية والرياضيات والفيزياء وغيرها؟..
قرأت بعض الملاحظات الجوهرية المعارضة لقرار الوزارة بإجراء امتحان واحد في نهاية العام الدراسي، وهي ملاحظات مهمة وجديرة بالدراسة، وفيها منطق كبير، ومع هذا فلم نسمع شيئا من قبل وزارة التربية !..
بل إن طلبة مدارس قاموا بمبادرات وخاطبوا وزير التربية حول هذا الامتحان، بينما الوزير لم يجب ولم يحرك ساكنا !..
وما زلنا نتساءل حول جدوى التغييرات على امتحان الثانوية العامة، ونتوجس من نتائجه وانعكاساتها على مخرجات التعليم المدرسي والجامعي كذلك، فالتوجه برمته ينطوي على تجربة أكثر من أن يكون توجها مدروسا موثوقا، فلو كان كذلك محسوما لابتدأت الوزارة بتحديد هذه المناهج التي سيدرسها الطلاب في العام الدراسي القادم، ولتم تجهيزها وتوفيرها لهم قبل نهاية العام الدراسي الحالي، الذي أشرف على نهايته عمليا بعد أيام.
اشعر بتسلل سلس لبعض قرارات رسمية تتعلق بالتربية والتعليم، ورسوها في التوجيهات والتشريعات دون أن تنال حقها من النقاش والحوار العام، ولو كان الأمر متعلقا بمسالة تجارية أو بأي مجال آخر، لقلنا عندئذ إن أهل تلك المهنة أو ذلك المجال غير مهتمين او ربما هم متفهمون لما يجري حول اختصاصهم ومهنتهم ومستقبلها، لكن مسالة كالتربية والتعليم تقع في صلب اهتمام كل صغير وكبير في الدنيا، ومن حقه أن يعرف ويوافق على التعديلات والتغييرات التي تجري عليها، فهي طريق المستقبل بالنسبة له، لكن هذا الصمت مريب، ويصعب علي أن أصنفه لأنه سلبي جدا، ولن نعذر من سيعترض عليه حين اقرار ما يتمخض عنه والعمل به، لأن الحكومة والوزارة تفصح دوما عن نواياها بالتغيير وتنشر كل شيء، لكن الناس والرأي العام هو الذي لا يهتم..ومثل هذا الصمت خطير ويوحي بأكثر من معنى.
سنميل أيضا على وزارة التربية وعلى وزيرها ومسؤوليها، ونطالبهم بأن يقوموا هم بالعملية كلها بالشفافية المطلوبة، وأن يعلنوا عن كل شيء متعلق بالثانوية دفعة واحدة، لأن العام الدراسي (2018 – 2019) قد انطلق فعلا بالنسبة لطلبة الثانوية العامة، ويجب أن يكونوا على بينة من المناهج المقررة ويقوموا بالحصول عليها، والتحضير لعامهم الدراسي الفريد، الذي يقدمون فيه امتحان «توجيهي» واحدا.
هل هذا الوضع مريح؟ وهل هو عملي ومقبول؟..أفيضوا علينا بما عندكم ايها السادة، فكلنا مهتمون ومعنيون بالتربية وبالتعليم وبامتحان الثانوية العامة، ولا نريد مفاجآت حوله حتى وإن كانت سعيدة، لأن القصة تربية كما نعلم ولا مفاجآت أو جوائز فيها سوى العمل الجاد المبني على أسس واضحة، بعيدة عن التجريب والتخريب.
ibqaisi@gmail.com.
الدستور