نتنياهو والصعود الى «المتسادا»
رجا طلب
07-05-2018 01:19 AM
هذا العنوان استوحيته من عبارة وردت في المقال المهم للسياسي اليساري الاسرائيلي « دوف حنين « والذي يناقش سياسة نتنياهو ويحلل مخاطرها على مستقبل اسرائيل بعد 70 عاما من تاسيسها ، حيث يقول في مقاله المنشور في صحيفة هآرتس يوم الثالث من الشهر الجاري (... تنياهو يقودنا إلى متسادا، نحن نقف أمام هاوية، ونتنياهو يقودنا نحو الوقوع فيها ).
خلاصة المقال وهذه قراءة شخصية وليست على لسان الكاتب ، ان نتنياهو لا يؤمن بالحلول السياسية للمشكلات والازمات في المنطقة وفي العالم ، ويؤمن بالمقابل ان القوة والقوة فقط هي صانعة الحلول والقادرة على حمايتها.
حنين يقول ضمنيا ان نتنياهو لا يملك ثقافة السلام ويعتبر تلك الثقافة نوعا من انواع الضعف او العجز.
ونحن العرب الذين نؤمن بالسلام باتت لدينا قناعة ان « عقلية نتنياهو « هي عقلية انتحارية تماما مثل عقلية « اليهود الذين لجأوا الى قلعة متسادا هربا من الرومان وانتحروا فيها او منها حسب الاسطورة.
لقد تعززت عقلية المكابرة ورفض التسوية والاستقواء « بالقوة والبطش « لدى نتنياهو بعد التشرذم في الحالة العربية ومجيء ترامب النموذج الاميركي لنتنياهو ، وبفعل التحالف التاريخي و عبر الحبل السري لترمب ونتنياهو واقصد هنا عبر شخص» شيلدون ادلسون « الثري العالمي الذي جمع ثروته من تجارة الجنس والقمار ، واحد ممولي حملة ترمب الانتخابية ، والصديق المقرب لنتنياهو والذي اسس ومول ومازال « صحيفة اسرائيل اليوم « والتى تباع مجانا من اجل دعم نتنياهو وسياساته واضعاف صحيفة « يديعوت احرونوت « الناقدة تحديدا والاكثر توزيعا في اسرائيل ومضافا اليها صحيفة « هآرتس « اليسارية.
نتنياهو هو وريث « عروش التطرف والمغالاة « حيث اعاد انتاج التطرف العقائدي لحزب الليكود وتحديدا لكل من مناحيم بيغن واسحاق شامير وارييل شارون ولكن بصورة « حضارية « ومتماهية مع العقلية الاميركية ، ونجح في خداع العالم وعلى مدى قرابة عقد من الزمان بانه يريد السلام مع الفلسطينيين ، ولكنه في حقيقة الامر كان يريد استسلاما فلسطينيا وليس سلاما فلسطينيا ، وكان يطمح ورغم واقعية الرئيس عباس والمجحفة بحق القضية ، كان نتنياهو يريد منه التوقيع على الاستسلام الكامل وعناصره ما يلي:
• لا قدس فلسطينية ، والهدف الغاء الارتباط التاريخي بين الشعب الفلسطيني والقدس ، ليس في كتب التاريخ بل على ارض الواقع واعادة بناء تاريخ جديد تعتبر فيه القدس عاصمة لاسرائيل وهو الامر الذي لم يعد يشكل قضية لعدد كبير من عواصم العالم العربي والاسلامي.
• انهاء قضية اللاجئين على ارضية توطينهم في اماكن اللجوء بلا اى حقوق تذكر امعانا في تعميق الاضطهاد والاذلال للشعب الفلسطيني ( عقلية سادية انتقامية ) ، وهنا يريد نتنياهو اثبات فرضية مضادة تماما لواقع اليهود والشتات الذي عاشوه على مدى التاريخ وما قبل التاريخ ، حيث كانوا لا يملكون هوية وطنية ولا قومية ، ويريد انتاج حالة تاريخية تقول ان الفلسطيني هو مجرد غجري او انسان بلا هوية وبلا وطن وان تاريخه هو مجرد « قصة لجوء « لارض الاخر.
• والاهم من كل ما سبق يريد نتنياهو و عبر مشروعه غير المعلن ضد الشعب الفلسطيني ان لا يعطى للشعب الفلسطيني حق السلطة ، وذلك لخلق رواية تاريخية ومنذ هذا التاريخ لاجيال قادمة ان الفلسطينيين لم يحكموا انفسهم ولم يحكموا « هذه الارض « اي المقصود فيها « اليهودا والسامرة « اي قلب فلسطين الحالي « الضفة الغربية « لنهر الاردن.
كانت الصحافة الاسرائيلية تطلق على ارييل شارون لقب « الملك « بمعنى انه كسب كل معاركه الداخلية والخارجية ، ونتنياهو هذا يطمح بالحصول على نفس اللقب ، وعمليا هو « الملك « الذي سيحتفل بنقل السفارة الاميركية الى القدس الشرقية بعد ايام دون اى فعل وازن او فاعل من اي جهة عربية او اسلامية ، وهو امر يغريه في المضي وبقوة نحو برنامج الغرور والعنجهية.
الرأي