اثارت مقابلة رئيس الوزراء الاسبق النائب عبدالرؤوف الروابدة ، في "الدستور" ردود فعل واسعة ، واعرف سياسيين قرأوا مقابلته ثلاث مرات ، وهم يقولون ان الرجل يتحرك بطريقة لافتة للانتباه خلال الاسابيع القليلة الماضية ، وقد يحصد عودة متألقة في المستقبل ، منجمين حول "سر نشاطه" ، وهو كأول رئيس للوزراء في عهد الملك عبدالله الثاني ، يثير الانتباه بشدة ، لكنك لا تستطيع الا التوقف عند فطنة الرجل وذكائه ، حتى لو اختلفت معه في اراء كثيرة ، فالاختلاف شيء ، ومزايا الرجل ، شيء اخر ، وانا احد الذين يعجبون بذكائه الحاد.
الروابدة كان يتم اتهامه دوما بالاقليمية ، وهي تهمة كفيلة بالاساءة الى اي شخص ، وكنا نعرف ان الرجل ليس اقليميا ، لكنه ضحية محاولات حرق السمعة والتلوين ، من اجل الاقصاء ، من جانب منافسين وخائفين ، وحين تقرأ اجاباته تشعر انك امام رجل دولة حقيقي ، يلخص لك الصورة ببضعة كلمات حين يقول ان هناك من يجرم بحق الاردن ومواطنيه بكثرة الاثارات الاقليمية ، من جهه ، وبادامة اشعار المواطن ان بلده كخيمة سوف تنتزعها رياح الحلول ، والمؤامرات ، وهو هز لثقة الانسان في نفسه وبلده ، لا تراه الا لدى نخبة لدينا ، وحين تسمع نظرية الروابدة حول خمسة ملايين اردني ماب ين شرق اردني وغرب اردني ، تعرف انها وصفته مثيرة للتفسيرات ، لكنها وصفة تجعل الاردن ، هو البلد والهوية لجميع من فيه ، ولمن يرتضونه ابا.
يقول الروابدة في اجاباته: (ما معنى وطن بديل؟ أن يتحول غير المواطن إلى مواطن ، لا "تخوفونا" بهذه الفزاعة ، الفزاعة التي ترعبني هي الخيار الأردني ، بأن يصبح الأردن بديلاً عن الفلسطينيين في توزيع صك الصلح الذي يتنازل عن جزء من فلسطين ، ولذلك ارتحت عندما قال جلالة الملك أنه يجب عدم ارعابنا بموضوع الوطن البديل.. إذا كان البعض يريد ان يترجم هذا الكلام إقليمياً فهو مجرم في حق الأردن وفي حقي ، الأردن لا يمكن أن يكون إقليمياً ، ومقتل الأردن إذا فكر إقليمياً ، إذا كان هناك بعض الأشخاص تجار إقليمية لقسمة الشعب إلى قسمين: فهؤلاء هم الذين يدمرون الأردن ، الأردن مستقبله أن يكون وطنا عربيا لكل الناس ، ومن هنا جلالة الملك عندما قال "كلنا الأردن" ، ولم يقل "كلنا للأردن" ، فالذي يقول كلنا للأردن فهو يطلب أضاحي ، والذي يقول كلنا الأردن بمعنى أن هذا الوطن يتكون من كل الموجودين فيه ، بغض النظر عن دينهم وعرقهم ومنبتهم وأصلهم فليست لنا علاقة ، فهذا هو سبب طرحي ، والكثيرون يهزون ثقة الشعب في دولتهم بأن هذا وطن بديل ، ووضعه مؤقت إلى أن تحل القضية على حسابه ، فهي تخويف ، الوطن الأردني كان اصلا قبل القضية الفلسطينية لكل العرب ، فبني عروبياً ، وهذا البلد الوحيد الذي لا توجد في أناشيده كلمة الأردن ، فهناك كلمة العروبة ، وهذا البلد الوحيد الذي لم يرأس حكومته أردني العشيرة أو الأهل قبل عام 1955 ، أي من 1921 - 1955 ، هذا الكلام لا نقوله تمنناً ، نقول أن هذا البلد عروبي ، فلا يجب أن تتم إخافته بالإقليمية ، للتخوين؟ وسيبقى في أي وطن في الدنيا أناس نشاز ، فهؤلاء يتحدثون بأسلوب بعيد عن الواقع لخدمة أهدافهم.. بالنسبة لي فأنا أرفض استعمال تعبير أردني - فلسطيني في الأردن ، فأنا أقول شرق أردني وغرب أردني ، ومن حيث الأصل ، فالاثنان أردنيان ، لكنْ واحد شرق أردني والآخر غرب أردني).
كلام هام جدا ، يستحق التوقف عنده ، والتوقف عند صاحبه ، كذلك ، لعل غيره يتعلم منه سعة الافق.
m.tair@addustour.com.jo