مبروك لمن نجح وحظ أوفر لمن لم يحالفظه الحظ. انها عبارة نجدها تقال في أي اي تنافس فيه مجال الرابح مثل الخسارة , وان الخسارة لا تعني الأساءة بمقدار ما تعني الظروف والتخطيط والخلفيات , والجهد , والتوافق وغيرها من المتطلبات . ولعله من الطبيعي التركيز على ان المجتمعات العربية بمستوياتها كافة قد بدأت مرحلة التغير ومحاولة الخروج من الجلد القديم والسعي نحو التغيير والذي سيقود نحو التنوير والنهوض , فهذه الأمة وان ضربت على رأسها باقصى الحديدقرون وقرون , لكنها سرعا ما تفوق وتنهض من جديد . فما يجري بالعراق ولبنان والأردن حديثا حالة مبشرة جدا لبزوغ هذه الإضاءة ومحاولة رفض الواقع المشؤون وكل مقوماته وأدواته وعناصره , والتطلع نحو الأمل الذي يعكس مدى ثقة الشباب بأنفسهم وتلولد التفاؤل من جديد بعزيمة واقتدار , فاذا استطاع الشباب في نقابة المهندسين أن يبحثوا عن التغيير, وليبدلوا حال استمر عشرات السنين , فهذا مؤشر على بداية ناجحة للتخلص من عقدة الأبدية والأزلية , التي لا يؤمن الشباب بوجودها إلا عند الله سبحانه وتعالى . وهام الشباب يفعلوها بالجامعة الاردنية وعدد آخر من الجامعات الرئيسية بالمملكة , وهي صورة تتكرر لدى أنتخابات البلديات التي تعتبر متراس من الصعب تصديعه , فجاءت الإنتخابات لتحمل نتائج إنهياره ويثبت الشباب تنازلهم عن افكار القبيلة والتجمع بغض النظر عن لاقطات القربى أو العشيرة أو التجمعات المكتسحة .
وها نحن نشهد في لبنان بزوع توجه مدني جديد يرفض شخصيات السلطة والأحزاب ويستعد لمواجهة شرسة مع المحاصصة وكراسي السلطة التي تلتقي رغم خلافها لحماية المصالح والمكتسبات؟ . في لبنان ظاهرة تغير عارمة ادركت وأحست أن الواقع الحالي لن ينفع لبنان ولم يرتقي بها ولم ينقذها من المعاناة التي تعانيها من عشرات السنين . واثبتت التجارب لهم أن الواقع الحالي واقع مرير يضاعف من حالة التمزق , والإختلاف ويساهم في تبديد القدرات اللبنانية واستراتيجياتها نحو النمو والتطور .
الشباب والمثقفين وأصحاب الفكر الوطني الذي يروى الأحزاب بإطارها اللبناني يقفون أمام من يعتقد أن الحزب هو لبنان , وأن على الجميع الركوع له , توجه مشرق يقوده اللبنانيون الوطنيون الذي يرون لبنان هو العلم والأرض وكل الناس , وليس الحزب أو الطائفة او التكتل .
وها هو العراق يحاول الخروج من قبضة داعش الأمنية التي كانت تحاول منع السنة من الاقتراب لصناديق الأقتراع مهددة مرة بالقتل ومفخخة مرة المناطق الإنتخابية , ومفتعلة مرة تكالب الشيعة ومؤامراتهم وحصدهم للكراسي والنفوذ على حساب السنة , أدرك العراقيون سنة وشيعة وازيديون , وأشوريون..الخ ان الاستمرار في الوقوع في لعبة داعش لم ولن ينفع العراق , ان قصد داعش هو الأستمرار بترويج البيئة المشبوهة غير النقية وغير المتصالحة مع نفسها والتي لا تعيش فيها الديمقراطية واللجوء لصناديق الاقتراع كحكم , يريدون بيئة متشاحنة ومتصارعة , لان مثل هؤلاء لا يمكن أن يتواجدوا ويتكاثروا في بيئات نقيه ديمقراطية يحترم فيه الراي والرأي الأخر , فليس من مباديء الأرهابيين إلا التعليق على شماعات عدم العدل والمساواه ليعطوا لانفسهم شرعية ما يفعلون . لقد أدرك العراقيون ذلك ويسعى الجميع لان يحارب هذا الفكر المتطرف وأن يقولوا قولتهم في الإنتخابات من أجل العراق وعلم العراق وأرض العراق وناسها
وهكذا سيكون الأمر في سويا بعد تكف وتبتر ايادي الطواغيت , الذين يتحاورون على الحصص والمكاسب وأمام اعين السوريين أنفسهم وأعيوننا جميعا . وهكذا الأمر في ليبيا التي لن تقبل أن يستمر الصراع بين ممثلي الدول الخارجية ويستمر مسلسل القتل والدمار للشعب والمقدرات الليبية , فالصحوة قادمة لطرابلس ولن يقبل أحفاد عمر المختار مهزلة التاريخ التي صنعها الغرب وبمؤامرة صهيونية دقيقة وبقنابل موقوته زرعت في اجزاء الوطن العربي الكبير .
اما في الأردن فما نشهده الأن من عناصر شابه تخرج لتقول قولتها متحدية تراكمات السنين التي اثقلتنا وخدرت السنتنا , وأضفت على عقولنا , فما عدنا نفهم ماذا يريد الأسلاميون وما يريد الوطنيون وما يريد غيرهم , فالكل يريد أن يتربع على عرش السلطة وينفخ وجنتيه ويقول "حنا اسود الوطن حنا كراسيه" فكم مرت علينا عائلات وعائلات تحكم وتتولى الوطن والشعب صامت ويراقب , وكم لعبت الأحزاب دورا خطيرا في دفع الناس الى الفوضى دون أن نجد برامج حقيقية اصلاحية تستحق العناية والدراسة والإقتداء , وعاشت بعض الأحزاب وهم المؤامرة وصدقتها وحدها وتغنت بها مع كل لحن ربابة , لنجد اليوم صراعا بينها وأختلافا على السلطة المركزية لها , وانعكاس ذلك على المجتمع ودورهم فيه . عرف الناس بان الشعارات والعباءات المشيخية والقبائلية لم تقدم ولوا علاجا أو دواء واحدا , فخرج الشباب عن الصمت وصرخوا بإسم المستقبل وبدأت مظاهر التغير واضحة خاصة وأن الملك يصرخ ويشجع ويعزز توجه الشباب وصوتهم وكلمتهم , على إعتبار أنهم الحاضر وأنهم المستقبل .
ما جرى في انتخابات النقابه هو صرخة بوجه التيارات التقليدية بغض النظر عن مسمياتها ورغبة بالتغيير , فجماعات محسوبة على التيار الأسلامي وقفت مع التغيير وشباب التغيير ,وهذا تحول كبير ذات دلالة ومعاني , فهل ننتظر القادم من الإنتخابات .