إعترف رئيس الحكومة الحالي د. هاني الملقي بعدم صحة الرقم الرسمي المعلن عن نسبة البطالة منذ سنوات طويله والذي ظل يدور حول رقم ١٢ بالمائة. في حين ان الرقم هو 18.6% حسب الرئيس الملقي.
الهدفُ من الارقام الاحصائيةِ هو خدمة الابحاث العلمية وخدمةُ التخطيط حتى يتمكن المخططون من وضع وتحديد الاهداف ومعايير الاداء وقياس النتائج ومدى النجاح في تنفيذ الخطة وتحقيق ما هو متوقع انجازه، كما أنها توفر رقابة على اداء الحكومات من خلال متابعة ومقارنة التغيرات في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها قيبل تشكيل الحكومة وبعد كل سنة من عملها. ولا تقنصر اهمية البيانات الاحصائية على الحكومة والباحثين في كافة مجالات المعرفة، بل انها مجس المستثمرين الباحثين عن فرص في شتى الدول. ولهذا يجب ان تظل الارقام دقيقة وصادقة وغير مسيسة. هذا الوضع متبع في الدول الديموقراطية المتقدمة. وانا دائما أجمع بين كلمتي ديموقراطية وتقدم لانه لا تقدم بدون ديموقراطية.
للاسف يختلف الوضع تماما في الدول النامية حيث تستخدم الارقام الاحصائية للترويج للسلطة السياسية الحاكمة من خلال المبالغة في انجازاتها وهذا يمثل خداعا وتضليلا للشعب. غير ان المستثمرين الاجانب وكذلك المنظمات الدولية ومؤسسات الاقراض تعرف ان ارقام الحكومات النامية كاذبة فلا تصدقها. ولهذا فانها تعتمد على ارقام البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
لقد تعرض رئيس الوزراء السابق عبدالله النسور لتجربة قاسية عندما عزل من منصبه كوزير للتخطيط لانه نشر البيانات الاحصائية التي انتجتها دائرة الاحصاءات العامة التي ترتبط بوزارة التخطيط ، نشرها دون عبث. حيث اظهرت الارقام الوضع الاقتصادي المتردي والذي كانت الحكومة انذاك تحاول اخفائه مما اغاظ رئيس الوزراء فاقاله على الفور.
تعلم الرئيس السابق النسور الدرس فاستن بسنة ذلك الرئيس. ايقن ان البقاء المناصب الحكومية العليا في الدول النامية الديكتاتورية يتطل تجاهل مبادئ النزاهة والمصداقية والشفافية، فكانت معظم البيانات الاحصائية التي صدرت في عهده مفبركة وخاصة الارقام الاقتصادية.
لا احد يعلم ومنذ عشرسنوات مدى دقة الارقام المعلنة عن الايرادات الحكومية من الضرائب وغيرها وكذلك المساعدات والمنح الخارجية وحجم الدين العام و النفقات الحكومية سواءا الجارية او الرأسمالية ونسبة الفقر والمبلغ الحقيقي لدعم المؤسسات الحكومية بما فيها الجامعات ومقدار عجز الموازنة الا رئيس الوزراء ووزير المالية ومدراء الموازنة العامة والجمارك وضريبة الدخل والمبيعات والاراضي والمساحة والى حد ما وزير التخطيط.
يحتل الاردن درجة عالية من عدم الشفافية حسب المعايير الدولية كما تثبت ذلك منشورات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي خاصة ارقام قانون الموازنة العامة التي يقرها مجلس النواب عن جهل عند البعض وصفقة عند البعض الاخر.
اذاً الشعب في متاهة بسبب التلاعب والتعتيم الذي تمارسه الحكومات المتعاقبة مما يجعل المستقبل غامضا ومهددا بدرجة اكبر مما هو عليه الحاضر والماضي.
عندما يعشعش الكذب في اعشاش العصافير تفقس العناكب.