الحركة الاسلامية منيت بخسارة مدوية بانتخابات نقابة المهندسين، خسارة سياسية كبرى في واحد من قلاعها النقابية التقليدية التي استحوذ الاسلاميون على قيادتها منذ عام 92.. نصر سياسي لـ «فرقاء الاسلاميين «، ولربما يكون عتبة كبرى لاعلان موت سياسي سريري للاخوان المسلمين.

نهاية للاسلاميين، ومنذ ما يزيد عن عقدين امتدت من سيطرة الاسلاميين على نقابة المهندسين بنوا عملا نقابيا غامضا واقصائيا، والمنافسة بلا شك كانت قوية مع تيار نقابي محكم السيطرة على مفاصل النقابة، ولكن كان لوجود شخصيات كارزمية بوزن المهندس احمد سمارة الزعبي وفوزي مسعد على رأس قائمة أثره البالغ في إضفاء طابع قوي على المنافسة.

سقوط الاخوان في المهندسين صفارة إنذار مدوية أصابت اسلاميي الاردن في قعر بيتهم، واصابتهم بالهلع والذعر لاقتلاعهم من احد حصونهم النقابية التقليدية المنيعة، فهي لا تقل رمزيتها السياسية عن قرار الحكومة قبل أعوام بحل المركز الاسلامي ووضع يدها على مدخراته وموجوداته.

المشروع الاخواني يصاب بنكسات وصدمات متتالية، فهل تكون نهاية الاسلاميين ومشروعهم السياسي من نقابة المهندسين؟

سقوط الاخوان ليس انتخابيا فحسب، انما المسألة تمتد الى مشروعهم السياسي، وهي رسالة سياسية مشفرة، وفي الاردن المجتمع هو من حاكم مشروع الاخوان المسلمين لا قوى اخرى منافسة للاخوان، لقد رأينا في الانتخابات النيابية والبلدية واللامركزية قوة وامتداد حضورهم السياسي والشعبي.

وفي نقابة المهندسين تحالف القوى الوطنية والجيل الثالث من الشباب اجهض حلم الاسلاميين الابدي في حكم النقابة، فالاخوان عاشوا على أسطورة الصواب، وانهم حاملو الحقيقة، وأن الديمقراطية مجرد عملية تخاط على مقاسات مصالحهم السياسية لا غير.

الفائز في انتخابات المهندسين ليس «قائمة نمو»، إنما المشهد عبر عن تحريك للطبقة الوسطى، التي خرجت عن صمتها وحيادها المطبق لتلعب دورا مؤثرا باحداث التغيير، وتحمل مسؤولياتها الوطنية في تكريس التنوع والتغيير والمشاركة الديمقراطية منهج عمل.

ولربما يكون اتساع مشاركة هذه الطبقة، يعني خروج العملية السياسية في بلادنا من غرفة الانعاش، ولكم أن تتخيلوا حال الاصلاح السياسي ومخرجاته، عندما يدفع بقوة وطنية نيرة ومثقفة ومتعلمة وواعدة.

طبعا، قيادات الاخوان شعروا بقوة اللطمة والصدمة التي القيت على رؤوسهم في انتخابات المهندسين، وخرج أحدهم بلا وعي بتصريحات تذكي الفتنة وتجرح السلم الاجتماعي وتخدش الهوية الوطنية.

اقصى درجات البؤس الوطني وآخرها ما قاله نائب، قرأت تصريحاته مرتين وأكثر ما أدهشني فعلا كلامه، ولعبته على صناعة الخصوم والاعداء، ولاكتشاف كم أن عقله مصاب بهستيريا تكفيرية ومتطرفة وتحريضية.

وكما ظهر النائب، وهو يدافع بلا وعي عن مصالح عميقة ومساحات نفوذ لامرئية للاخوان المسلمين، فنقابة المهندسين موجوداتها تناهز المليار دينار، وهي من أغنى النقابات المهنية، وتملك مشاريع وعقارات واستثمارات، يمكن تقدير تموضعها على الخريطة الاقتصادية الاردنية بانها تلي الضمان الاجتماعي.

المهندسون اعلنوا انتصارا مكعبا على الاخوان، فهو نصر سياسي ومهني ومالي واستثماري للنقابة، تخلصوا من سيطرة « قلة قليلة « تتحكم بأموال النقابة ومدخراتها وموجوداتها.

نقابة المهندسين نصف نهاية الاخوان، والنصف الباقي وجودهم السياسي تحت التصفية، فالجماعة فرخت 5 تنظميات اخوانية : اخوانية زمزم والوسط الاسلامي والجمعية الاخوانية «وغيرها.

هي نهاية لحكم إخواني لنقابة المهندسين، ونهاية لابتزاز يقام باسم الدين، ولتنظيم أكثر ما ينشر في المجال العام الكآبة واليأس والافكار المشوهة والمشبوهة، والتحدي أمام الاردنيين والمهندسين تحديدا يكبر ولا يتوقف.

الدستور