فتك الوزراء بالأمناء العامين لوزاراتهم
أ. د. انيس الخصاونة
06-05-2018 01:52 AM
من المعلوم أن الأمناء والمدراء العامين في الوزارات والدوائر الحكومية هم أعلى الموظفين رتبة في وزاراتهم ودوائرهم وفقا لنظام الخدمة المدنية كما أنهم يشرفون على إدارة كافة الشؤون الإدارية والفنية لوزاراتهم في الوقت الذي لا يعتبر الوزير موظفا بيروقراطيا ولا يخضع لنظام الخدمة المدنية وهو يمارس عملا سياسيا صرفا، ودوره يكون في المساهمة بوضع السياسات العامة لوزارته بعد الاستئناس بآراء الفنيين والإداريين في وزارته وفي مقدمتهم الأمين العام للوزارة أو من هو في حكمه من المدراء العامين للدوائر التابعة للوزارة. ولعله من نافلة القول أن الأمناء والمدراء العامين في الوزارات الحكومية يصلون لمناصبهم ،على الأقل من الناحية النظرية، استنادا لمعايير الكفاءة والجدارة والخبرة والقدرات القيادية مما يجعل هذه الفئة القيادية من كوادر الدولة الأردنية عنصر ثبات واستقرار في عمل الوزارة خصوصا في ظل كثرة تغيير الوزراء الذين لا يكادون يمضون في مواقعهم الوزارية سوى بضع شهور وبمعدل لا يزيد عن اربعة عشر شهرا. وعلية فإن الأمناء والمدراء العامين يشكلون ضمانا لاستمرارية العمل في الوزارات رغم تغير الوزراء الذين يأتون في أغلب الأحيان لوزارات ليست ضمن خلفيتهم المهنية أو التخصصية .
لوحظ في السنوات القليلة الماضية ظاهرة غريبة تفاقمت في زمن حكومة الدكتور هاني الملقي ألا وهي استهداف الأمناء العامين من قبل الوزراء الجدد الذين يأتون على عجل وقد شحذوا سيوفهم وهيأوا أقلامهم لخلع الأمين العام وكأن خراب الأجهزة الحكومية سببه الأمين أو المدير العام علما بأن قضايا الفساد في الأردن لم تطال أمينا عاما واحد تم توجيه التهمة إليه . والأغرب من ذلك أن الوزراء الجدد يأتون بأمناء ومدراء عاميين جدد ثم بعد فترة وجيزة ينقلبون عليهم وينكلوا بهم شر تنكيل لماذا لا أحد يعرف ؟ أؤكد لكم بأن العمل والكفاءة ليس هو السبب وإنما هو ذريعة ظاهرية باطلة لتسويغ وتسويق قرار الوزير الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. الوزير كما هو جار الان في إحدى الوزارات نقل أمين عام وزارته وعينه مديرا عاما لإحدى الدوائر التابعة لوزارته ليقوم هذا الوزير بعد تسعة شهور بالإطاحة به على خلفية طروحات للمدير العام تتعلق بمهام وأهداف الدائرة تختلف عن رؤية الوزير .
اتساءل أيها الإخوة عن انتشار هذه الظاهرة بين أوساط الوزراء الذين يأتون وقلوبهم ممتلئة غيظا من الأمناء والمدراء العامين في الوزارات المختلفة .أحداث وشواهد كثيرة يعرفها كثير منا عن أن وازع ومنطلقات هذا الفتك بالأمناء العامين ليس الأداء والإنجاز والكفاءة بقدر ما هو حب السلطة والعطش للبطش والنرجسية وإظهار الفحولة لا بل السادية الإدارية في النيل من الآخرين لإقناع الذات بالأهمية والقدرة والشخصية. ما يعانيه الان عدد من الأمناء والمدراء العامين يا رئيس الوزراء كثير وفيه ظلم وغبن وطغيان يمارسه الوزراء على الأمناء العامين علما بأن هؤلاء الوزراء وبحكم عضويتهم في الحكومة هم الأقدر على التواصل مع رئيس الوزراء ويسوقون ما يريدون من أدلة مشوهة وربما مكذوبة لإقناع الرئيس بضرورة تغيير الأمين أو المدير العام الذي لم يمض على تعيينه الا شهورا قليلة ولم نعرف من حسن أو سوء أداءه شيئا. فتك الوزراء بالأمناء العامين هو ظلم غير جائز وينبغي أن يكون هناك ضوابط لدى رئاسة الوزراء للتعامل مع قضايا الخلاف والاختلاف التي تنشأ بين الوزير والأمين أو المدير العام وضرورة الاستماع لرأي الأمناء العامين وأن لا يقتصر دور الرئيس على اعتماد ما يقوله أو يدعيه الوزير من عدم كفاءة الأمين العام أو عدم ملائمته للمنصب فكثير من الأحيان الخلاف ليس حول العمل بقدر ما هو خلاف على هيمنة واستبداد غير مبرر من قبل الوزير.رئيس الوزراء المبجل سبق وأن عمل سفيرا ووزيرا ورئيسا لمنطة العقبة الإقتصادية لسنوات طويلة ويدرك عجرفة بعض الوزراء وحبهم للتنكيل بالقيادات الإدارية في الصف الأول خصوصا في الوزارات التي تم تفويض وزرائها بتعيين الأمين العام دون الرجوع لمجلس الوزراء مثل وزارتي الخارجية والداخلية . نعم إنهم وزراء ولكنهم فتاكون ينكلون بالأمناء العامين في وزاراتهم وذلك إشباعا لحاجات وأهواء شخصية مزاجية أو مصلحية .