المركز العربي يبحث العلاقات العربية الهندية
05-05-2018 04:08 PM
المركز العربي يبحث العلاقات العربية الهندية: تحولات العلاقة مع قوة ناشئة في النظام الدولي
عمون - انطلقت اليوم السبت 5 أيار/ مايو 2018 أعمال مؤتمر "العرب والهند: تحولات العلاقة مع قوة ناشئة ومستقبلها" الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على مدى يومين في الدوحة. ويضم المؤتمر نخبة من الباحثين والأكاديميين في العلاقات العربية – الهندية من الهند والوطن العربي والعالم. يأتي هذا المؤتمر في إطار سلسلة مؤتمرات العرب والعالم الذي يعقده المركز العربي سنويًا، ويضم فيه باحثون وأكاديميون وخبراء من الوطن العربي والعالم يناقشوا علاقة العرب بإحدى القوى الإقليمية والدولية المهمّة.
افتتح المؤتمر مروان قبلان الباحث في المركز، ورئيس وحدة تحليل السياسات. وأشار إلى أن أهمية تناول موضوع العلاقات العربية – الهندية يعود إلى جملة من العوامل بعضها مرتبط بدور الهند المتنامي على الساحة الدولية وتطورها الاقتصادي والصناعي الكبير وما يستتبع ذلك من زيادة في احتياجاتها من الطاقة اللازمة لاستمراره وديمومته، وتأثير ذلك على علاقتها مع جوارها العربي، وعلى متطلبات الهند الأمنية والأمن الإقليمي وطموحها المتزايد إلى لعب دور في هذا المجال. و أضاف قبلان إلى وجود عوامل أخرى المتصلة بالعلاقة بين الطرفين والتي بدأت تأخذ في الآونة الأخيرة وجوهًا مختلفة بعضها ذو طابع اقتصادي وبعضها ذو طابع جيو-سياسي، والبعض الأخير من هذه الأسباب متصل بالتحولات الكبرى التي تطرأ على بنية النظامين الإقليمي والدولي، بما في ذلك في منطقة الخليج والمحيط الهندي وعودة أجواء التنافس القائم على أسس جيوسياسية. وعن الأهمية المتزايدة للعلاقات العربية – الهندية وأركانها الاقتصادية أكد قبلان على أن العلاقات العربية – الهندية ليست وليدة اليوم وليست نابعةً من مصالح متبادلة، بل هي قديمة قدم شعوب المنطقتين العربية والهندية.
العلاقات التاريخية بين الخليج العربي والهند
ركزت الجلسة الأولى التي ترأسها مروان قبلان على دراسة العلاقات التاريخية بين منطقة الخليج العربي والهند، فقد قدم الباحث صاحب عالم الندوي بحثًا حول العلاقات بين الهند والجزيرة العربية في عصر الدولة المغولية، اذ اعتبر ان التجارة المتبادلة هي الخيط الأول الذي ربط شبه القارة الهندية منذ القدم بالجزيرة العربية وبالمناطق المطلة على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، وقد حرص ملوك الإمارات الإسلامية في الهند على تقوية العلاقات بين الهند والعرب بواسطة الإسهام في إنشاء النزل والخانقاوات والمدارس، واستقدام عدد كبير من العلماء والفضلاء الشاميين والمصريين والحجازيين واليمنيين الذين أسهموا بدورهم في تنشيط العلوم الإسلامية في تلك الإمارات الإسلامية الهندية.
في حين ركز الباحث معين صادق على دراسة العلاقات الهندية - القطرية من القرن الثامن عشر إلى أوائل القرن العشرين، وتطور هذه العلاقة على المستويين السياسي والاقتصادي، و قدم في بحثه العديد من المكتشفات الأثرية في مدينة الزبارة في شمال قطر (العملة المعدنية الهندية "روبية"، زخارف هندية، معادن هندية، أبارق هندية)، هذا بالإضافة إلى مقتنيات هندية قديمة في منطقتي رويضة وفريحة شمال قطر، وأيضًا في الدوحة القديمة مثل العاج، والأخشاب، والسقوف، والخزف، ومدابس التمر. أما المداخلة الباحثة سعاد فاضل بحثت في العلاقات الاقتصادية بين عُمان والهند منذ منتصف القرن الثامن عشر حتى مطلع القرن العشرين، والبحث قدمته بالشراكة مع يوسف الغيلاني، إذ خصصت فاضل بحثها في الحديث عن الإسهامات التي انتهجها حكام البوسعيد في جعل عُمان مركزًا تجاريًا مهمًا في العلاقة مع الهند.
الجوانب الثقافية والأكاديمية في العلاقات العربية – الهندية
عالجت الجلسة الثانية للمؤتمر التي رأسها حيدر سعيد، ثلاثة أوراقٍ بحثية الجوانب الثقافية و الأكاديمية في العلاقات العربية – الهندية، فقد ناقش الباحثون في هذه الجلسة أهمية العلاقات الثقافية بين المنطقتين. عالج الباحث افتاب أحمد دور الترجمة وأهميتها في العلاقات الثقافية العربية - الهندية المعاصرة باعتبارها منبعًا أساسيًا لتجسير العلاقات الثقافية والفكرية، في حين قدم الباحث شمس الدين الكيلاني مجموعة من التخيلات العربية عن الهند التي كانت إيجابية حتى قبل الإسلام، ويمكن أن نلتمس هذا الإعجاب، حسب رأيه، من خلال الرمزية البسيطة مثلاً في الإسلام التي تجلت عند هند بنت أبي سفيان. وأضاف أن الجغرافيا العربية هي التي أعطت الصورة العربية أبعادها وأشكالها، فأغلب الكتب العربية تبدأ بالمسالك والممالك، فالمتأمل لما كتب عند العرب من مدونات ومخطوطات يتجلى ثراءً كبيرًا قل نظيره سواء ما تعلق بالمعارف والعلوم. أما الباحثان جافيد أحمد خان وديبا كروبان فجاءت بحثهما في تسليط الضوء على الأبحاث المعاصرة في العلاقات العربية – الهندية ، حيث ركز الباحثان على الفهم المعاصر في إطار العلوم الإنسانية ، و ما يشمل الاقتصاد و المجمتع و الدين و السياسية التي أوليت اهتماما كبيراً من طرف العلماء الهنود ، و كذلك نظام الجامعات و الكثير من الجامعات التي تقوم على دراسات للعلاقات العربية و الهندية.
الجاليات الهندية في دول الخليج العربية
الجاليات الهندية واحدة قبل وبعد الاكتشافات النفطية والتحولات الاقتصادية التي رافقت الطفرة النفطية في منطقة الخليج العربي من القضايا الرئيسية التي جرى بحثها في الجلسة الثالثة في المؤتمر والتي ترأسها سمير سعيفان. حيث درس الباحث ناصر بن سيف السعدي في الجاليات الهندية في منطقة الخليج العربية قبل الطفرة النفطية، وأشار أن العلاقات الاقتصادية، وعملية التبادل التجاري بين الهند ومنطقة الخليج العربي، أسهمت في استقرار جالية هندية في منطقة الخليج العربي، إمّا بشكل دائم ومتواصل، أو بشكل متقطع. وأضاف السعدي أن المصادر التاريخية المحلية تشير إلى أن عمان من أكثر بلدان شبه الجزيرة العربية جذبًا للهنود، وهذا يعود إلى موقع عمان الجغرافي القريب من الهند، وفاعلية موانئها التجارية، مثل صحار، ومسقط، وصور. الباحث فيكال جون فارغيز ركز في بحثه على سياسات الدولة وصناعة الهجرة بين الهند ودول الخليج العربية، واقترح ان يجري تحديد مواقع المجموعات المهاجرة ومعرفتها من الناحية التاريخية والمؤسسية فهي ناجمة عن تفاعل قوى مختلفة فاعلة محليا وووطنيا وعالميا ، إذ تشهد سواحل المحيط الهندي تناميًا في دور سماسرة القطاع الخاص في الآونة الأخيرة. ويعود ذلك إلى الإضفاء المتزايد للطابع الرسمي على الهجرة، وإلى الانتشار الجليّ للعولمة، على نحو يشوّش عمليًا الخط الفاصل بين النظامي وغير النظامي .
أما الباحث مهند النداوي فقط سلط الضوء في بحثه على تأثير الجاليات الهندية في دول الخليج العربية، وأشار إلى أن دول الخليج العربي من المناطق التي تحتل أهمية كبيرة بالنسبة للهند نتيجة القرب الجغرافي بينهما، وأن الجالية الهندية أدت دورًا مؤثرًا ومهمًا في زيادة فرص التعاون بين الجانبين. موضوع دراسة الباحثة ساهم معط الله ركز على العمالة الهندية في دول الخليج العربية، و محدداتها الداخلية ودوافعها الخارجية ، ورأت أن عدم المساواة في توزيع الدخل والبطالة في الهند له تأثير إيجابي ومعنوي في عدد المهاجرين من الهند إلى دول الخليج العربي، وإلى أن سعر النفط له تأثير إيجابي ومعنوي في عدد العمال الهنود المهاجرين إلى دول مجلس التعاون، إذ يدفع ارتفاع أسعار النفط الحكومات الخليجية إلى إنجاز مشاريع تطوير البنية التحتية، والشروع في برامج التنمية الضخمة التي تتطلب استيراد عمالة أجنبية لتعويض النقص في اليد العاملة المحلية، وهذا ما يفتح الباب على مصراعيه أمام العمالة الهندية الوافدة إلى منطقة الخليج العربي.
قراءة في العلاقات العربية الهندية
ناقشت الجلسة الأخيرة من أعمال اليوم الأول للمؤتمر والتي رأسها أحمد قاسم حسين، ثلاثة بحوث تطرقت للعلاقات العربية – الهندية، مع التركيز على الدول العربية في شمال أفريقيا. درس الباحث أفتاب كمال باشا روابط الهند مع غرب آسيا وشمال أفريقيا، مع تركيزه على العوامل السياسية والاقتصادية، والتحولات التي طرات على موقف الهند من القضايا العربية، واختتم باشا مداخلته بالحديث أن سياسات الهند لا تزال قائمة على تجنّب الانحياز في الصراعات الإقليمية والحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الدول. وأن الهند تتطلّع إلى بناء آليات مؤسسية شاملة تتيح حوارًا إستراتيجيًا، وإن كان الواقع غير ذلك، بسبب بيئة سياسية وأمنية متقلّبة وغير مستقرة إلى حد بعيد في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج.
أما الباحث عثمان لمراني علوي تناول العلاقات بين الهند وإفريقيا على اعتبارها أقدم العلاقات التاريخية التي ربطت بين المكونات البشرية لقارتين. وأضاف علوي أن المميز في هذه العلاقات عمومًا هو طابعها السلمي العام، القائم أساسًا على تبادل المنافع الاقتصادية. فلطالما لعبت هذه المناطق الأخيرة دور الوسيط التجاري الذي ينقل بضائع آسيا، ومنها البضائع الهندية إلى القارة الاوربية، ويسوق بضائع الأخيرة بالقارة الاسيوية.
الباحث عصام عبد الباقي بحث في العلاقات المصرية - الهندية بعد 2011. وأشار أن الدولتين تتمتعان بتاريخ وثيق يمتد من العصر القديم. وأما عن العصر الحديث، فإن العلاقات بدأت مع الاتصالات بين الرئيسين المصري سعد زغلول والهندي المهاتما غاندي، لتشابه مظاهر ومبادئ الحركة الوطنية في كل من البلدين والتي تتعلق بالحصول على الاستقلال من بريطانيا. وعن الفترة الراهنة أشار عبد الشافي أن العلاقات الاقتصادية المصرية الهندية، شهدت تطورًا ملحوظًا، ارتبط بمجموعة كبيرة من التحولات السياسية في مصر، فبعد ثورة يناير 2011 وقع الرئيس المصري محمد مرسي عدد من الاتفاقيات مع الهند وشملت قطاعات متعددة مثل تكنولوجيا النانو والتكنولوجية الحيوية، والفضاء، والأمن الإلكتروني، وإنشاء مركز لتكنولوجيا المعلومات بجامعة الأزهر، وكذلك اتفاقية التبادل العسكري والتأسيس التدريجي لتعاون عسكري في مجالات الملاحة والإلكترونيات.