أتعجب من هؤلاء الذين خيرهم ولقمة عيشهم من الاردن وينكرون هذا الفضل في أحاديثهم وجلساتهم الاجتماعية أينما حلوا. وبعض من هؤلاء الذين أتكلم عنهم هم من أصحاب الأقلام، ومدرسي الأجيال، ورجال الأعمال ناجحين .. جاحدون لما يتوفر لهم ويتغنون بدول سلبت حرية شعبها باسم القانون واستحوذت على فلذات أكبادهم باسم الحرية والديموقراطية.
قرأت مؤخراً عن احدى هذه الدول الكبرى التي تقوم حالياً بتدريس أطفال المرحلة العمرية الاولى في المدارس، أطفال بعمر السابعة والثمانية، عن 'حرية' تغيير جنسهم إن أرادوا مستقبلاً، وبأنه ليس بالضرورة أن يبقوا في الجنس الذي ولدوا عليه مدى الحياة. وباسم الحرية والعلم يدعون الأطفال لمشاهدة 'أفلام علمية' عن أشخاص قاموا بتغيير جنسهم وبأنهم سعداء ومرتاحون بحياتهم. أما الممنوع الأعظم في هذه المدارس هو ذكر الله أو إبراز أي رموز دينية.
ننتقد الغلاء ونتذمر، والجهل الأعظم هو عدم إدراكنا بأنه على الأغلب فرض عالمي وليس سخط موجه ضد من يعيش على تراب الاردن. وقد يقول قائل " لكن المستوى المعيشي ودخل الفرد هناك مختلف وأفضل منا"، وهذا صحيح ولكن بالمقابل ما نحتفي به بالاردن وخاصة الأمور المهمة مثل الصحة والتعليم لا يشابهه فيها أي دولة اخرى حولنا أو بظروفنا. فنسبة المؤمنين صحياً حسب اخر احصائية من وزارة الصحة هو ما يقارب ٧٠٪ وهي في توسع لتشمل اكبر عدد ممكن من الاردنين والسوريين على أرضنا. إحدى قريباتي في المهجر لن تستطيع القدوم إلى الاردن لحضور حفل زفاف في العائلة هذا الصيف لان موعدها مع الطبيب, والتي حصلت عليه بشق الأنفس سيكون بعد أربعة أشهر ويتصادف مع المناسبة. ونسمع عن قصص بهذه الدول المتقدمة في مستشفياتهم بان عليهم أن ياخذوا دورا بغض النظر عن حالاتهم الصحية. .. النتيجة بان الانسان عندهم رقم في "السيستم" وليس شخصا بمشاعر.
إن تكرار المواضيع السلبية في أحاديثنا يصبح مع مرور الوقت أمرا طبيعيا واعتياديا عند البعض يفرضونها على من هم من حولهم ويصعب التخلص منها.
ونتذمر ... وكم أودّ أن نكف عن التذمر ونفتح أعيننا ونقدر ما عندنا وما يقدم لنا وبأننا والحمدلله في الاردن لا نزال بخير، أما إذا بقينا على حالنا من الشكوى فإننا سنقتل الامل بالمستقبل في الجيل الشاب من اولادنا وبالنتيجة نخسر الآن وغداً.
لنتنبه لهؤلاء المتذمرين ولنعلم بأنهم لو منحوا كل الوسائل للراحة سيجدون ما هو جديد للحديث عنه والتذمر منه. فقد قالت العرب: لو كان ذكر العيوب براً وفضلاً، لرأينا إن في أنفسنا عن ذلك شغلاً.