سعيد عقل انصفه الشعر وخذلته السياسة
د. عاكف الزعبي
03-05-2018 11:21 AM
للشعراء سقطاتهم خارج الشعر وشرُّها ما كان في السياسه . وتكبر السقطه بكبر القامة الشعريه للشاعر.
قديماً سقط متنبي الشعر والشعراء عندما ترزق بشعره من الساسة وعندما انتسب للفرقة الاسماعيلية التي تسيست بمذهبها الديني او تمذهبت امعاناً بالتسيس. لكن الانبهار بشاعريته أنست سدنة محراب الشعر ومريديه خطاياه السياسية ومده ليده ارتزاقاً بمدح السياسيين .
ما فعله التعطي بالشعر بابن هانيء الاندلسي كان اشد وأبلى . فقد تاه هانيء مدحاً بأمامه وقائده المعز الفاطمي بعد ان اشتعل تشيعاً سياسياً فذهب يشبهه بالذات الالهيه ليقول له :
ما شئت لا ما شاءت الاقدار فاحكم فانت الواحد القهار .
ذهب هانىء وذهبت معه سقطته ، لكن شعره لا يزال حياً مذكراً بحقبة النهوض الفاطمي في ارض الكنانه.
وكم كانت سقطة سعيد عقل " المتنبوي " في شاعريته وشعره حين زلت قدماه الى السياسة فراح يهاجم الشعب الفلسطيني الشقيق عامة ابان الحرب الاهلية في لبنان ، فكاد ان يطيح بانتسابه للغة اشعاره واهلها وينسخ حضور قامته الشعرية الرفيعه وهو الذي كان قبل ذلك خاطب عزم فلسطين وسيوف اهلها وحيفاها :
بعزمة الجنود بهتفة الامل يا فلسطين عودي زنبقة الدول
هلت عليك حيفا كالريح كالامل السيف رُدَ سيفاً يا طلة البطل .
هل تغفر عبقرية عقل الشعرية خطيئته السياسية التي لم يكررها قط وتجاهل ذكرها الكثيرون ممن أدهشتهم شاعريته وهو الذي حلق شعراً في بلاد العرب وعواصمها مصر والشام والاردن وبغداد ومكة وبيروت وعمان. وخص الاردن كما الشام بقصائد ثلاث .
خالداً سوف يبقى وصف سعيد عقل للاردن الوطن الذي بحجم الورد وما نبا له سيفٌ او عزم :
اردن اهل العزم اغنية الظبى نبت السيوف وحد سيفك ما نبا
في حجم بعض الورد الاّ انه لك شوكةُ ردت الى الشوق الصبا
ولم يكن أبخل في تجليه مخاطباً عمان عاصمتنا الاغلى :
عمان في القلب انت الجمر والجاه ببالي عودي مري مثلما الآهُ
هل تعرفين وهل الاّكِ عارفة هموم قلبي بمن بروا وما باهوا
وعاد لينشد للاردن وعاصمته عمان معاً :
وتروح عمانيتي وسنى العينين يزرع دربها فرحاً
اواه يا أردن انت لها مصراع باب الشمس وانفتحا
كذلك سيبقى خالداً هتافه باسم الشام ومجد اهليها :
قرأت مجدك في قلبي وفي الكتب شام ما المجد انت المجد لم يغب
ثم عاد يشهر سيفها ليضيىء به ظلمة التاريخ :
شام ياذا السيف لم يغب يا كلام المجد في الكتب
قبلك التاريخ في ظلمة بعدك استولى على الشهب
ويحلق تغزلاً بجمال الشام ولبنان :
سائليني حين عطرت السلام كيف غار الورد واعتل الخزام
وانا لو رحت استرضي الشذا لانثنى لبنان عطراً يا شآم
كما ابدع في غنائه مكة واهلها قريش وقارىء القرآن فيها :
غنيت مكة اهلها الصيدا والعيد يملأ اضلعي عيدا
يا قارىء القرآن صل له اهلي هناك وطيب البيدا
وما نسى بغداد وقرون الحضارة فيها فوقف مناجياً عيونها واحرارها :
عيناك يا بغداد اغنية يغنى الوجود بها وُيختصرُ
لم يذكر الاحرار في وطن الاّ واهلوك العُلى ذُكروا
عبقريات ثلاث تحفر شعر سعيد عقل في الذاكره ، شاعريته ، وصوت فيروز الذي شدا بشعره تلاوة وترتيلاً ، والحان وموسيقي الرحابنه التي اشعلت كلماته نجوماً في سماء الشعر.