عمون- تعتبر فلسطين من الدول الغنية بالتراث المعماري المرتبط بالأحداث التاريخية والدينية الهامة على المستويين العالمي والمحلي ,فالمدن الفلسطينية زاخرة بالآثار الرومانية البيزنطية,والإسلامية بالإضافة الى أهمية فلسطين الدينية والروحية المتجسدة في معالمها التراثية المميزة كالمسجد الاقصى وقبة الصخرى وغيرهما,يميزها ايضا ما لديها من موروث عمراني وحضاري في العديد من مراكز المدن التاريخية.
كما أن التراث العمراني في فلسطين لم يستغل بعد ولم يتم وضع خطط جدية للحفاظ عليه,واستثماره في تطوير القطاعين السياحي والثقافي,حيث أن تطوير القطاع السياحي عامل مهم في منطقة تفتقر الى الموارد الطبيعية ,وينحصر اقتصادها في أطر ضيقة.
لذا فانه من الضروري الالتفاف الى ضرورة الاهتمام بالتراث في فلسطين,لكونه يعد عنصرا اساسيا لإنعاش الذاكرة التاريخية .
تزخر أرض فلسطين بثروات لا تضاهي من الاثار والصروح العمرانية,تتوجها أقدس المعالم الدينية من مساجد وكنائس تميز تاريخها بعمق وجذور حضارتها.تتعرض العمارة التقليدية في فلسطين لشتى أنواع التدمير والخراب ,فالإضافة الى ما يسببه الاحتلال الاسرائيلي من تدمير للمراكز والمباني التاريخية في فلسطين يجب الحفاظ على التراث في فلسطين لأنه يأخذ بعدا وطنياً يدفع العديد من المؤسسات الأهلية والحكومية والأفراد الى بذل جهود مضاعفة للعناية بالممتلكات الثقافية في القدس ونابلس والخليل وغيرها .تتمتع البلدة القديمة في نابلس بقيمة تاريخية كبيرة .تتمثل في طرزها وعناصرها المعمارية المميزة من مبان وقصور وأسواق وخانات وساحات وغيرها, ,فقد قامت على أنقاض المدينة الرومانية فتطورت كمدينة اسلامية وما زالت تجمع خصائص المدينة العربية والإسلامية,وتعتبر القلب النابض لمدينة نابلس,وتزخر بتراث عمراني مميز وتحمل بيت طياتها شواهد عن الحضارات والحقب التاريخية المتعاقبة عليها, ويتميز تخطيطها العمراني بتقسيمها الى ست حارات يتم الوصول اليها من خلال قصبيتين رئيستين تتفرع منهما الحارات الست,والتي دارت بين ازقتها وخلف جدرانها حوادث سياسية واجتماعية وثقافية,ساهمت في توثيق تاريخ نابلس العريق .
كما يزيد من قيمتها التاريخية ارتباطها بمواقع تاريخية أخرى في محيطها,وتشكل البلدة القديمة مع عناصرها المختلفة محاور دينية مختلفة واجتماعية واقتصادية وترفيهية وتعليمية من خلال المساجد والكنائس ومن خلال الحمامات والخانات والقصور والدواوين,كل هذه العناصر تشكل مع المحور البشري في مجملها نسيجاً حضاريا متكاملاً متميزاً,فتنوع العناصر المعمارية في البلدة القديمة ,واختلاف طرزها اعطاها بعداً جمالياً مميزاً حيث تنتقل عين الزائر حولها عبر ممراتها الضيقة المتعرجة ونوافذها ومربياتها,لتضيف المزيد من الابداع للبلدة القديمة في نابلس.
فتواجه البلدة القديمة في نابلس كغيرها من البلدات القديمة في معظم المدن العربية مشكلة التحديث والتجديد في المباني والخدمات,دون مراعاة اسس ومبادئ الترميم والحفاظ المعماري ,وهناك العديد من الصعوبات التي تعرقل الجهود الرامية للحفاظ على التراث العمراني في البلدات القديمة في فلسطين بشكل عام وفي البلدة القديمة في نابلس بشكل خاص,ومن هذه الصعوبات نقص المعلومات الخاصة بمواقع المناطق والمباني التراثية وأبعادها في مختلف مناطق فلسطين فضلاً عن نقص المعلومات التاريخية عن هذه المناطق ,وعدم العناية بالجوانب الاعلامية والتوعوية والتشجيعية للحفاظ على التراث العمراني كالندوات والمحاضرات والنشرات والمطبوعات والمهرجانات وغيرها لنشر الوعي حول المباني التاريخية التراثية وهي المباني التي تشكل في مجموعها التراث المعماري لمنطقة ما، وتحمل قيماً تاريخية اكتسبتها من خلال تميزها المعماري والجمالي عمرها ألطويل أو ارتباطها بأحداث مهمة حدثت في المنطقة. تلك الاحداث قد تكون دينية واقتصاديه واجتماعيه وسياسية,وقد تتسع دائرة تصنيف المباني التاريخية لتشمل كل مبنى يتجاوز عمره الخمسين عاما،على انها تلك المباني التي تعطينا الشعور بالإعجاب وتجعلنا بحاجة الى معرفة المزيد عن الناس الذين سكنوها وعن ثقافتهم، وفيها قيم جماليه معمارية تاريخيه أثرية اقتصاديه اجتماعية وسياسيه فيجب حماية كنوز ورثناها من اثار ومباني تاريخية وصروح عمرانية ودينية ,بل لإبقاء شواهد تاريخنا ورموز ,وضمان واستمرارية وجودنا على هذه الأرض المقدسة.