العيوب المصنعية وتقاعد حيدر ..
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
02-05-2018 12:53 AM
لم يكن السبب من وراء مكالمتي أمس مع د. حيدر الزبن هو فقط التأكد من خبر تركه لموقعه الذي شغله لسنوات، وهو إدارة مؤسسة المواصفات والمقاييس، التي أصبحت ملاذا آمنا وحصنا منيعا للمستهلك الأردني، بل ثمة سبب آخر، متعلق بمشروع شكوى رسمية عن عيوب مصنعية في بعض الأجهزة الكهربائية التي تحمل ماركة عالمية..
أكد لي الدكتور الزبن قرار مجلس الوزراء بإعفائه من موقعه، وحين عبرت له عن توجسي من أن تستمر المؤسسة بقيامها بدورها الذي اعتدنا عليه بعهده، أكد لي بأن المديرة الجديدة مهنية، ومتمكنة، وشديدة الالتزام، وحائزة على تقييمات دولية مهمة في مجالها، وقال (هي أشد مني، وأتمنى لها أن «تصمد» في الموقع)، وهي شهادة أنقلها بأمانة عن شخص عهدنا أمانته.
ضحك الدكتور حيدر حين أخبرته أن خبر استقالته جاء متزامنا مع قراري شراء جهازين كهربائيين، تبين بأنهما يعانيان عيوبا مصنعية، فهي المرة الأولى التي أقرر فيها أن أذهب الى مؤسسة المواصفات والمقاييس لتقديم شكوى بحق هذا الـ»غش» الصناعي التجاري، وحين علم اسم الماركة التجارية التي أتحدث عنها ونوع الأجهزة، أجابني على الفور «الأسبوع الماضي قمت بتحويل 6 قضايا إلى المحكمة، وكلها حول هذه الماركة وذلك الجهاز»..
فقلت يائسا: الله يبشرك بالخير، فحين قررت أن اشتري مثل هذه الأجهزة تبين أنها معطوبة بدليل كثرة الشكاوى، والسبب الآخر الباعث على اليأس والاحباط هو ترك حيدر الزبن لموقعه !.. شو هالحظ؟!.
في المعارض الكبيرة القائمة في العاصمة، تتواجد أركان خاصة تعرض فيها صناعات عالمية لأجهزة كهربائية، ويوجد بعض موظفين يتقنون خداع الناس واستغلال ثقتهم بماركة معينة، ويبدو أن «الكوميشن» الذي يحصلون عليه عن كل قطعة يبيعونها هو ضالتهم المنشودة، التي يحرصون الحصول عليها فوق رواتبهم ولو عن طريق الخداع، فتجدهم «يحولون البحور الى مقاثي»، فيقدمون شرحا عن جهاز تعتقد بأنه جزء من مركبة فضائية متطورة جدا، وخلال اجراءات بسيطة يكتشف الزبون أجهزة أخرى معطوبة قد تم تحميلها في سيارته، بعد أن نقلها الى منزله واكتشف بأنه أمضى ساعات من يومه، ودفع مالا، ليملأ بيته بالخردوات والأجهزة المعطوبة التي تعاني سوء مصنعية، فجهاز قد تشتريه للحصول مثلا على ماء ساخن تقوم بتشغيله ليسكب لك ماء باردا أو العكس، وجهاز كهربائي آخر يعطيك مواد جديدة مخلوطة بالبلاستيك أو برادة الحديد، كمحتوى جديد من محتويات غذائك وشرابك ..حالة من الأخطاء ترتقي الى حد جرائم استغلال ونصب واحتيال على المواطن.
بعضنا هم من فضح الصين نفسها، وفي سوقنا تحديدا فقدت معظم الماركات العالمية ألقها وتميزها وتاليا أعيد قصة كنت قد كتبتها قبل اليوم في هذه الزاوية؛
وهي منقولة عن الدكتور حيدر الزبن نفسه:
حيث أخبرني بأنه شخصيا قام بالبحث عن مصنع لأدوات كهربائية، وكان يحمل عينة ويريد أن يصل الى المصنع الذي يصنعها ويقوم بتصديرها الى دول العالم، حيث كان الزبن يعتبرها صناعة مأمونة ونموذجية، وكان يتمنى لو يتم اعتماد مثل هذه المصانع لتزويد الأسواق الأردنية، وحين وصل الى المصنع، تحدث عن كميات من هذا المنتج الجيد لتوريدها الى الأسواق الأردنية، وحين علم الصيني المحترم بأن البضاعة مطلوبة للأسواق الأردنية اعتذر !.. وبرر بإجابة هذا معناها (اعتاد كثير من التجار الأردنيين بأن يأخذوا صناعة صينية بمواصفات متدنية لتقليل سعرها، فقدموا بذلك دعاية سيئة عن صناعاتنا، وكل مصنع صيني يتعامل مع هؤلاء يجلب لنفسه وبضاعته سمعة سيئة) ..
وهذا اعتقاد شخصي بل سمعة سيئة اقتنع بها هذا الصناعي الصيني، دفعته الى التعامل بحذر مع كل تاجر أردني..
الرواية حقيقية، فثمة بعض التجار يبحثون عن الربح والاستيلاء على محتويات جيوب الناس، وقد قامت مؤسسة المواصفات والمقاييس بدور كبير في تحجيم هؤلاء وإبعادهم عن السوق الأردنية المحترمة، لكن بعضهم ما زالوا يتسللون بين فترة وأخرى، فنسمع عن قضايا ونقرأ أخبارا عن مواصفات سيئة لبضاعة مستوردة، وصناعة قائمة على الغش بتقليل كلف الانتاج والتلاعب في المواد الخام لتوفير هامش ربحي للتاجر المستورد، الذي يبحث عن الربح حتى لو ملأ الأسواق والمنازل بنفايات التصنيع !.
لم أذكر شيئا عن الماركة الأجنبية ولا حتى عن نوع الأجهزة المعطوبة، لأنني سأتابع هذه القضية مع الشركة ومندوبها، لعل الموضوع مجرد خطأ وقع به موظف فنقل أجهزة «خربانة الى سيارتي» بدل الأجهزة الصالحة، وإن كان الأمر غير ذلك فمن واجبنا أن نحذر الناس من هذه النفايات، بعدم ادخالها لبيوتهم وهدر نقودهم عليها، وسوف نذكر المعلومات بوضوح، وقد ننشر صورا لتلك الأجهزة هنا أو في غير المكان.
ibqaisi@gmail.com.
الدستور.