عندما تُقدم الحكومة على اجراءاتٍ معينة فهذا بالضرورة يعني لدى الدول المعتبرة ان هناك رؤية واستراتيجية وبرنامج كلها تفضي الى ضرورة وجود خطوات تنفيذية في الواقع لترجمة الأفكار النظرية التي سوّغت التكليف او الانتخاب للحكومة كي تطبق برنامجها الذي تحمله ويضطلع به فريق وزاري منسجم وكفؤ يحمل ذات الرؤى ويؤمن بنفس الأفكار ويأتلف على اختيار الأدوات والأوقات للسير في تطبيق البرنامج.
ولا يمنع ذلك من اختيار معايير لقياس الرضى او النجاح ليتم على ضوء ذلك المراجعة والتقييم ضمن سياق البرنامج ذاته ، اذ انه يُفترض ان البرنامج اذا تم ثبات فشله فهذا يحتم رحيل الحكومة وليس منحها مزيدا من فرص التجريب وربما التخريب والناس وبكل اسف لا تعرف لماذا جاءت حكومة او لماذا رحلت حكومة وليس من منطقٍ معتبرٍ في اختيار الوزراء ولا حتى المدراء .
ولربما من المفيد ان ننظر حولنا في العالم الذي لم يعد بمنأى عن احد لرؤيته ومعرفته ويتم أخذ بعض التجارب المفيدة ولو بشكل جزئي او بجرعات خفيفة جدا لا تجعل التغيير غير ممكن والانتقال الى اعلى اقرب للاستحالة . ونحن لا نبالغ في الطلبات لقناعتنا بعدم توافر المتطلبات والمتطلبات غير المتاحة هي لدى الأنظمة بالدرجة الاولى وليست لدى الشعوب حيث ان العينات غير المنتقاة من شعوب العالم عندما تتاح لها الفرصة للانتقال والعيش في مجتمعات ديمقراطية غربية واجنبية تحتكم الى قوانين وانظمة فان هذه العينات القادمة من عشوائيات العالم الثالث تسير في المنظومة الجديدة وتبدع في كثير من الأوقات .
ولعل طموحنا من الرشد والتواضع ومراعاة الظروف بمكان بحيث لا نطالب الحكومة بأن لا تفتح شارع صغير او كبير في مكان دون ان تعمل استفتاءاً للمعنيين في المنطقة كما في سويسرا مثلا ، ولا ان تنهج نهج النمسا التي ألغت برنامجها في المفاعلات الذرية السلمية لتوليد الطاقة رغم انها انفقت الكثير الكثير عليه عندما رفض النمساويون ذلك في استفتاء وعمدت الدولة الى توليد الكهرباء بطرق مختلفة منها توربينات الماء ورشّدت استهلاك الطاقة الكهربائية حتى في انارة الشوارع والطرقات . ولم نطمع من حكوماتنا ان تحاكي سلوك الحكومة البريطانية برئاسة كاميرون والتي استقالت بعد الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الاوروبي حين صوت ما نسبته ٥١.٩٪ من البريطانيين للخروج من الاتحاد الاوروبي مقابل ٤٨.١٪ صوتوا للبقاء فيه وكانت حكومة كاميرون تؤيد البقاء في الاتحاد وبعد الاستفتاء قدمت استقالتها .
لدينا حكومة لا تملك رؤية ولا برنامج وفريقها مرقّع وتسير من فشلٍ الى فشل في ظروف لا يوجد فيها هوامش زمنية او مكانية للتجريب ، وتعمد هذه الحكومة الى الهدم والتخريب في كل المفاصل وما زالت قائمة رغما عن كل مشاعرنا ورغما عن كل خيباتنا وانتكاساتنا .
حكومة تبقى قائمة رغم إجبارها على التراجع عن اجراءاتها وقراراتها التي يُفترض انها تمثل رؤيتها وبرنامجها مرّة بتدخل الملك ومرةً بضغط شعبي ومرةً بضغط نقابي وهكذا وليس من ماءٍ في وجهها ليجعلها تخجل وترحل مذمومةً مدحورة وعليها من السخط الشعبي ما يغرقها الى يوم الدين .
حكومة تبقى وقد عدّلها رئيسها ست مرات ولم تعتدل !!
نعم ونقولها بصوت عالٍ لقد اصبح طموحنا مشروعاً ومبررا بأن يكون لدينا حكومات تحترم نفسها وتحترمنا وتقوم بالواجبات الموكولة اليها بصدقٍ وامانة .
نعم فقد نضجنا بما يكفي لكي لا يتدخل أحدٌ في اختياراتنا في الانتخاب في كل المجالات البرلمانية والنقابية والاتحادات والجمعيات وغيرها ولا نعطي لأحدٍ كائناً من كان الحق او الإنابة في تزوير ارادتنا
وان كنّا حالياً لا نملك قوة الردع عن ذلك فنحن نملك قوة مشاعر الرفض والإنكار التي لا شك انها ستكون معتبرةً يوماً ما.