أزمة منتصف العمر لدى الرجل، من أخطر ما يمر بالأسرة، فإن تم التعامل معها بحكمة وعلمية، مضت بسلام، وإلا فشبح الانفصال والعواصف قد يودي بالأسرة، والعبء الأكبر يقع على عاتق الزوجة لتجاوز هذه المرحلة بسلام، وبأقل الخسائر.
هذه الأزمة، كما يرى أحد المختصين، ربما تكون ناتجة عن عدم النضج العاطفي وعدم إشباع تلك المشاعر في سن المراهقة والشباب، وهذه الحالة تحتاج للجوء إلى طبيب نفسي حتى لا تتفاقم إلى وقوعه في مشاكل هو في غنى عنها، لا سيما وأن الواقع يؤكد أن العلاقات التي يخوضها الرجال خلال مرورهم بهذه الأزمة لا يكتب لها النجاح، وتكون لها نتائج وخيمة عليه وعلى الآخرين، ومن تلك الأعراض:
شعور بالتوتر المستمر، ونهاية الحياة، مما يسبب ردود فعل أخرى. تتراجع القدرة على تعلم الأشياء الجديدة، والرغبة في الوحدة.
يقوم الرجل بتغييرات جذرية على مظهره الخارجي، ويعتني بزينته وهندامه. يعبر باستمرار عن حنينه للماضي ويكثر من ذكرياته، ويطلق عبارات أنا محروم، ضاع شبابي.... وما إلى ذلك، يفقد اهتمامه بزوجته، ويقضى وقتا أقل مع عائلته. يتصيد عيوب الزوجة، ويختلق المشكلات، وينظر لها نظرة دونية. يتخلف تدريجيا عن مسؤوليات المنزل، وقد يصل به الأمر إلى أن يوكلها إلى أبنائه الصغار أو أهل الزوجة. يتخذ قرارات عشوائية فيما يتعلق بالتصرف بأمواله أو على الصعيد المهني. ظهور علامات الاكتئاب، كالنوم الكثير، وفقدان الشهية، والاستيقاظ عند منتصف الليل.
إذن هي (محاولات لترقيع الذات ورأب ما تصدع منه)، أو (المراهقة الثانية)، أو (الطلاق العاطفي)، فإذا استغلت الزوجة هذه الظواهر التي تحمل الكثير من الإيجابية، وأحسنت توظيفها لصالح العلاقة الزوجية سوف تربح الكثير، وقد يحدث العكس، فتنهار الأسرة.
ويرى البعض أن طبيعة الثقافة الاجتماعية، ربما تكون سببا في ذلك التخبط الذي تقع فيه الزوجة حيال هذه الأزمة، فقد شاعت في مجتمعاتنا العربية بعض المفاهيم الخاطئة التي تبعد الزوجة عن التعامل العلمي والمنطقي مع القضية، ومنها أن هذه الظواهر ما هي إلا دليل على أنها خُدعت في هذا الرجل، وأنه عاش معها هذه الحياة يخدعها بالتظاهر بالالتزام والحب، وبناء على ذلك تتخذ خطوات نحو حلول خاطئة ربما تضر بها وبأسرتها، في حين إن على الزوجة أن لا تنظر إلى الزوج على أنه الشخص المنحل أخلاقيّا والذي ظهر على حقيقته، فالأصل في المصاب بهذه الأزمة أنه إنسان سوي يمر بوعكة (صحية) عابرة، ولو أن الأصل فيه هو الانحلال أو التسيب لظهر ذلك في السن المناسبة له، بل إن البعض يرى أن أزمة منتصف العمر هي أزمة ذات إيجابيات كثيرة لو أحسنت المرأة استغلالها ستخرج منها بمكاسب لا تُنكر، وعلى رأسها أن هذه الأزمة تعتري الرجل في مرحلة سنية تكون الصدامات الزوجية فيها أقل بكثير عن سابقاتها، كما أن استعداد الزوج للفضفضة الكلامية والحوار يكون أكبر من ذي قبل.
فلتحرص النساء على أن تكون أزمة منتصف العمر مناسبة لتجديد الحياة الزوجية وإنعاشها، لا هدمها على رؤوس أعضاء الأسرة.
الدستور