في ساعة مبكرة من صباح يوم جمعة مضى كنت اتوجه الى المطار... الطريق سالكة في الاتجاهين, لا ضجيج ولا سيارات حتى الافق البعيد, والطقس ربيعي جميل يغري باطلاق العنان للخيال ولسرعة السيارة التي بدأت تنهب الارض تتنقل بين المسربين مثل فرس »تبرطع« في مرج أخضر واسع على مد النظر...
فجأة... ذهبت النشوة الصباحية وجاءت الفكرة, تذكرت أن هناك دوريات من شرطة السير تحتل مواقعها المعروفة على جانبي الشارع, فخففت السرعة رغم كل المغريات والتزمت بالتعليمات والقوانين والسرعة المحددة في الذهاب والاياب مثل أي مواطن متمدن صالح...
هذه المقدمة تقودني للحديث عن الكاميرا الخفية, ولا اقصد هنا الكتابة عن برنامج »الكاميرا الخفية« خفيف الظل أو عن مطباته الظريفة, التي ليست مثل المطبات التي لا تزال منتشرة في شوارع عمان والتي تتسبب بتخريب سيارات الناس خصوصاً تلك المطبات القديمة المموهة التي لا ترى بالعين المجردة بسهولة!!
اتحدث هنا عن الكاميرا الخفية التي ترهق جيوب الناس والتي تحولت الى وسيلة للجباية وليست للحماية من حوادث السير بسبب السرعة ومخالفة القانون...
الذين يقومون بتجديد ترخيص سياراتهم يصدمون بقيمة المخالفات والغرامات حيث كانوا ضحايا الكاميرات الخفية الموزعة على جوانب الطرقات والشوارع الرئيسية في العاصمة تحت عنوان الروع والحماية والوقاية من حوادث السير التي يسببها الطائشون المتهورون من السائقين, واجبار السائقين على تخفيف السرعة الى الحد المعقول الآمن الذي تسمح به القوانين والتعليمات...
هذا سبب معقول ومقبول وجميل, ونتمنى ان نعلن ان الاردن اصبح بلداً بلا حوادث سير وبلا ضحايا مرور وبالتالي انقاذ ارواح الناس التي تزهق على الطرقات الداخلية والخارجية بسبب السرعة الجنونية والتهور الطائش غير المبرر... وقد حزنا كثيراً لأننا فقدنا اصدقاء واقارب واحباء وجيران بسبب كوارث السير على الطرقات...
ولكن الكاميرا الخفية غير المعلن عنها لا تحقق هذه الاهداف, لأنها لا تردع ولا تجبر السائق على تخفيف السرعة وهو المطلوب للوقاية من حوادث السير, وقد اصبحت وسيلة جباية يتذمر منها الناس...
نحن لا نعترض على نصب هذه الكاميرات كوسيلة مكافحة وردع, ولكن يجب ان تكون ظاهرة للعيان لتعطي نتائجها الايجابية لا ان تتحول الى »مصيدة« مموهة هدفها العقاب والتحصيل لا الوقاية والحماية والردع.
واعتقد ان من حق المواطن ان يعرف عن موقع الكاميرا او ان يقرأ تعليمات وتوجيهات السير وتحديد السرعة على لوحة تخبره ايضاً انه مراقب خلال عبوره هذا الشارع... خصوصاً ان هناك لوحات تعلن عن وجود ردارات لمراقبة السرعة على الطرق الخارجية عندنا... كما هو الحال في كل الدول المتقدمة. هذا الاجراء يحدد السرعة ويحذر السائق ويحقق الهدف المنشود وهو الحد من الحوادث المرورية وحماية المواطنين وارواحهم...0
Kawash.m@gmail.com