كان عليّ أن أتعلم الإبحار وسط الأمواج العاتية والقُبح الشديد الذي يغطيهم الى الأذقان، فِي شوارع الفَقد أَمشى وحدي فارغاً مِن كل الأشياء، الحياة صعبة مع الوحدة ولكنها قد تكون مريحة.
ما يؤلمني هو تفاؤلي بأناس يفاجئونني كل حين بقُبحِهم الذي ليس له حدود، بخيبات متتالية، والمؤلم أكثر أني لا أتوقف عن التفاؤل، وأقول كونوا كما تشاؤون فلن أعاتب أحداً بعد اليوم وأنادي بصوت الكبرياء، إن معي ربي سيهدين! وأدعو بدعاء نبي الله سليمان، ربِ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمتَ عليّ وعلى والديّ، وأن أعمل صالحاً ترضاه، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين.
ولعلّ اليوم قد يكون سبباً في قوتي لغد، وما لحظات الضعف والألم التي أجاهدها الا دليل كاف على إنسانيتي لكنني كنت أتقن مهارة الصمت ضناً مني أن كل من يفهمني يسمع صمتي جيداً!
وحين تزاحمتْ من حولي التفاهاتُ كلُّها، أسلمتُ نفسي إلى الصبر ورُحتُ أكتُبُ عن جفاف مواسم الراحة والطمأنينة التي ضربت حياتي طولاً وعرضاً دون رحمة فأحالتها الى سنين عجاف تظاهرتُ خلالها أنني بخير وتحصّنتُ بالصمت مراراً وتكراراً ولكن الكلمات كانت ترتسم على وجهي دائماً وتبوح بها عيناي فتفضحُ حالتي، فالقلب أصبح مهجوراً ومَنْ كنتُ أخافُ عليهم أصبحتُ أخافُهم!
يلوذ عقلي بالفرار من الشك الى القلق الى الندم والحسرة الى الخيبة من القلوب التي اهديناها محبتنا وثقتنا، الى الألم والعناء الذي يبكي القلب قبل العين! بكيتُ وجعاً، أعاتب به قلبي وعقلي وأبوح به لغريب يتجهمني!
يا صاح: لا ترسم أحلامَك على جدار مائل ولا تظلم نفسَك وتعيش على إرضاء وإسعاد مَنْ حولك وهم يقضون أجمل أوقات حياتهم من دونك، وتكتشفُ لاحقاً أنهم أكبر أحزانك، ولا ينالك إلا الوجع!
يا صاح: لا تعِش على الانتظار، انتظار أن يُحِبُك الآخرون، انتظار حلول، انتظار شخص يُغيّر حياتك، انتظار شكر على شيء انتظار التغيير...!
الانتظار يا صاحِ صعبٌ كما يقولون، انه شعور مؤرق، .. كما السوس ينخر جسمَك ببطء .. الى أن تفنى كل آمالك في الحياة في النهاية، لا تنتظراً شيئاً! فلا شيءَ يستحقُ الانتظار!
اصنع الأشياء بنفسك ولا تنتظرها فأنتَ لا تملك عُمرين، ولا تستطيع أن تحيا حياة ضَحْلة كاذبة تتطلب الكثير من النفاق والمداهنة للاستمرار، أنتَ لا تستطيع العَوم على شِبرٍ من الماء، ولا تجيدُ الطيران في الهواء، هناك الكثيرون يرحلون ليس حباً في الرحيل بل لأنهم وجدوا أن لا فائدة من البقاء. مشكلتهم كانت فقط في عفويّتهم، وهذا ما أوقعهم في مشكلات لم يكونوا يتوقعونها.
أنتَ رغم حبِك الشديد لهم فإنك لستَ على استعداد لتضحّي بكل شيء من أجلهم، فالصدمات المتكررة والخيبات المتلاحقة قد تفقدُك التفاؤل والاهتمام!