في عزّ الغياب والمعابر المعتادة نتسرب تحت الظل خيالا ونتوسد الأمل لموعد كبير مع الحياة..وهما كذاك الظل تقابلا من بعد غياب فأمطرت الدنيا لغة صمت وبكت الأشياء من ضياع المسارات وتناثر الورد، رعشات الأسئلة توالدت وسكتت الأجوبة عن كل شيء إلاّ الصدق.
الأحلام عاصفة بأصحابها تهز كيانهم كلما مرت بين فسحة الوقت المجنون ...
إليه حيث الماضي والحاضر يمضي ...وهي المدانة وفي حنجرة الوقت أماني ما تحققت، وعيناها لؤلؤتان معلقتان على أكتافه والتفاتة لا تعرف أخرى تتهادى فوق الكفوف حين تصافحت، والشعر يرسم الشغف المجنون، وأصوات ضحكهم ولعبهم، وكل همسة غجرية تناضل في ذكرى الحب وتهمهم خارج مواسم العتاب...
ذَكرتُكِ أمس عند غروب شمس البحر، ذكرتُكِ وأنا القبطان الذي أرخى حبال سفينته على مرافىء الإعتلال! ذكرتكِ عند تلويحة القمر لوسادتي كل مساء، وأنا من بلعتني أرصفة الشوارع التي مشيتها للقائك...بهوس.
بكت.... وهي التي تهافتت عليها نقاط الصور بشراسة ...
بكت .... وهي التي تناست البوح وضمرت ...
بكت ..حين جاء جرح الروح بصوت الخواطر ...
(شاخ الإنتظار) قالتها...وهي تفتش عن مأوى لدموع لا تريد لها أن تلد من صوتها المخنوق اعترافا. لا تريد أن تتهاوى قوتها، لكن تدحرجت خطوات العناق أمامها وتسلل البرد الى زلازل النفس. هي من بقيت في أذنها أمنية كلمات لم تسمعها منه. تحتاج وقتا مستعارا..تحتاج زمنا مجهولا.. تحتاج جهد جبال.
(كل الأشياء تهتز عند موطئ الحب، لكن قدر الزمن الجميل ألا يستمر!)
تذكرت كيف أن المساء خدعها بالحلم، وعذبها بالحلم وعاقبها بالحلم، حين تربع حبه على عيون تزهو بالفرح وعاد بها الى مرافىء الحزن تنهيدة، وغاب..كأشياؤها التي لم تكتب بعد، كقطرة ماء ما روت جفاف الحقول.
عاد المساء ضريرا سرق منها متعة السفر لا تفوح منه ألاّ رائحة الحنين والشوق اليتيم.. وصوتها المسروق في صدر كلما لاح له اسم خفق!
لحظة بعد لحظة بعد..لحظة..تغفو الحقيقة في مواسم الخوف. قالت:أتذكرني وهذا البحر يشبه شجني وخوفي وجنوني وهوسي، يطاردني بكلماتك كالأمواج، فيا من تغرق في ذاكرة تفكيري ألم تعرف أن كل ما لا أكتبه يقتلني وينفيني كغيمة شتاء تبحث عن فصل مفقود!
تسكن عيناي ظلمة باردة برغم النور وسؤال وجواب أجوف، وفكرة تنزف على أطراف أصابعك حيث نامت الأحلام وتاهت عاصفة العطر القديم،فكيف أمسك بحرف لم يعد يعرفني وللأقدار سلطان يتكسر على حوافه كل شيء؟
الدستور